ابن إدريس: بقي عليه - رحمه الله - أنه أسقط جميع الأخبار التي رويت في أن سارق موتاكم كسارق أحيائكم، لأنه - رحمه الله - لم يراع النصاب في شئ منها في وساطته بينها فقد سقطت جملة، وهذا بخلاف عادته وخرم لقاعدته في وساطته. ثم نقل كلام الشيخ في النهاية، ثم عقبه بنقل كلام المفيد، وقال عقيبه:
ونعم ما قال، فإنه الذي يقتضيه أصول المذهب ويحكم بصحته أعيان الآثار عن الأئمة الأطهار، وأيضا الأصل براءة الذمة، فمن قطعه في غير المتفق عليه يحتاج إلى دليل. ثم نقل كلام الشيخ في الخلاف: من أن النباش يقطع إذا أخرج الكفن من القبر إلى وجه الأرض، لعموم قوله تعالى: " السارق والسارقة ". وهذا سارق، ولأن السارق هو من أخذ الشئ مستخفيا متفزعا، وقوله - عليه السلام -:
" القطع في ربع دينار " ولم يفصل، فهذا الاستدلال بالخبر فيه مقدار النصاب. ثم قال عقيب ذلك: والذي أعتمد عليه وأفتي به ويقوى في نفسي قطع النباش إذا أخرج الكفن من القبر إلى وجه الأرض وسلب الميت، سواء كان قيمة الكفن ربع دينار أو أقل من ذلك أو أكثر في الدفعة الأولى أو الثانية، لإجماع أصحابنا وتواتر أخبارهم بوجوب قطع النباش من غير تفصيل، وفتاويهم وعملهم على ذلك، وما ورد في بعض الأخبار وأقوال بعض المصنفين بتقييد وتفصيل ذلك بالمقدار في الدفعة الأولى قبل ذلك (1) لا يخصص العموم، لأن تخصيص العموم يكون دليلا قاهرا مثل العموم في الدلالة (2). وهذا يدل على اضطرابه في هذه المسألة: لتناقض كلامه.
والمعتمد أن نقول: إن نبش وأخرج من القبر إلى وجه الأرض الكفن الذي قدره ربع دينار وجب عليه القطع أول مرة، فإن تكرر منه النبش مرات متعددة جاز قتله، سواء أخذ أولا. وإن سرق غير الكفن لم يجب عليه القطع، سواء زاد