إلا أنه لم يجعل رواية التشبه رواية بل فتوى، فقال: إذا اشتبهت امرأة لرجل بجاريته ونامت على مرقده ليلا فظن أنها جاريته فوطأها من غير تحرز كان عليه الحد سرا وعلى المرأة جهرا (1). وتبعهما سلار أيضا في الأعمى (2).
وقال ابن إدريس: الأعمى إذا زنى كالبصير، فإن ادعى أنه اشتبه عليه الأمر فظنها أو أمته وكانت الحال شاهدة بما ادعاه - بأن تكون على فراشه نائمة قد تشبهت بزوجته أو أمته - فإنه يدرأ عنه الحد للشبهة، وإن كان شاهد الحال بخلاف ذلك فإنه لا يصدق وأقيم عليه الحد. وقد روي أن امرأة تشبهت لرجل بجاريته واضطجعت على فراشه ليلا فظنها جاريته فوطأها من غير تحرز، فرفع خبره إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - فأمر بإقامة الحد على الرجل سرا وإقامته على المرأة جهرا. أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر في نهايته، ورجع عنها في مسائل خلافه فقال: إذا وجد الرجل امرأة على فراشه فظنها زوجته فوطأها لم يكن عليه الحد، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: عليه الحد، وقد روى ذلك أيضا أصحابنا، دليلنا: إن (3) الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
والوجه أن الأعمى إن ادعى الشبهة قبل منه، لأنه مسلم، والأصل في أخباره المطابقة، وهو في مظنة ما أخبر به. وأما الواجد على فراشه فإنه لا حد عليه للشبهة.
والشيخ - رحمه الله - لم يفت في النهاية بل ذكرها رواية فقال: وقد روي، وكذا شيخنا المفيد، فلا منافاة بين كلامه في النهاية وكلامه في الخلاف (4)،