على أدواتها القاصرة عجزت عن الوصول إلى الغاية الشرعية المطلوبة من خلال محاولتها استنباط الحكم الشرعي السليم والصائب، ولعل مرجع ذلك إلى مجموعة من الأمور، ولعل عدم الإحاطة الشاملة والإلمام الدقيق بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسنته يحتل المجال الأوسع والأكبر في ميدان هذا الاضطراب الحاصل والغريب.
فالمطالعة المتأملة لتاريخ الصدر الأول من الحكم الإسلامي، وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، ويحث ينبغي أن تكون الصورة أوضح لاتصال العهدين، تكشف لنا تلك المطالعة العكس من ذلك، حيث يبدو الاضطراب واضحا في تبين جملة الحقائق المرادة.
فقد روي مثلا عن أبي بكر أنه سئل أبان خلافته عن ميراث الجدة؟
فلم يهتد إلى الإجابة! ولم يجد بدا عن الرد على ذلك السائل بقوله: ما لك في كتاب الله من شئ، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله من شئ، ولكن اسأل الناس!! والواقعة مشهورة، حيث قيل إنه اندفع إلى المسلمين يسألهم عن ذلك فقام بعض الصحابة فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاها السدس، فقضى أبو بكر بذلك (1).
ومثل ذلك روي عن عمر بن الخطاب حيث جهل أن المرأة ترث من دية زوجها (2)، بل ولم يكن يعلم سنة الاستئذان (3)، ولا حكم دية الأصابع (4).
وإذا كان ذلك هو حال كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله فما حال صغار الصحابة أو التابعين، والذين يعتمدون في الكثير من أحكامهم