والكبرى وعلى أصعدة واسعة ومختلفة تركت آثارها الواضحة على البناء الفكري والثقافي للمجتمع الإسلامي، ومن ذلك انتشار صناعة الورق أبان تلك الفترة الزمنية، فكان ذلك سببا مباشرا في سهولة الحصول على الكتب والمؤلفات التي كان يصعب الحصول عليها بعسر استنساخها على أوراق البردي أو الرق.
مضافا إلى ما شهده العصر العباسي الأول من اعتناء واسع بالترجمة عن الثقافات الأجنبية، والتي بدأت في عصر المنصور (ت 158 ه) وبلغت أوجها في عصر المأمون بعد أن إنشاء أبوه الرشيد دار الحكمة وجلب إليها الكتب من أنحاء المعمورة، واستقدم العديد من المتخصصين بالترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، وكان من نتيجة ذلك أن نشأت طبقة متضلعة بالترجمة عمدت إلى تعريب الكثير من المؤلفات الرومانية والفارسية واليونانية والهندية وغيرها، فواجه المفكر المسلم، والعامة من الناس ثقافات جديدة وغريبة، فتعاملوا معهما كما أشرنا سابقا بين المد والجزر.
ولعل من الحلقات الكبرى في هذا الوضع الجديد على الساحة الإسلامية، والذي عمد إلى استثمار الفرص الأخرى التي أشرنا إليها، هو نشوء الدولة العباسية، واستقرار دفة الأمور بيديها.
فبعد أن استقر المقام بالعباسيين على سدة الدولة الإسلامية، وجدوا أن من غير المنطقي استمرارهم في التمسك بالكثير من الشعارات التي تاجروا بها ردحا من الزمن، واتخذوها وسيلة للوصول إلى قمة الهرم في الدولة الإسلامية، وحيث كانوا يدركون خطر الاستمرار في التمسك بها والدعوة إليها على وجودهم وتربعهم على سدة الحكم.
ومن أهم تلك الشعارات التي نادوا بها طويلا، وكانت العامل الأكثر حساسية في التفاف الكثير حولهم، هو شعار الدعوة لآل محمد صلى الله