عليه وعليهم، والذي أكسبهم الكثير من الشرعية عند عموم المسلمين.
نقول بعد ذلك الأمر كان لا مناص أمام الدولة العباسية وحكامها إلا البحث عن البدائل الأخرى، فعمدوا إلى تقريب العلماء والمفكرين، لا لغرض علمي أو ديني كما توهمه البعض أو يريد أن يصوره للآخرين، بل لغرض سياسي بحت، هو إضفاء صفة الشرعية على حكمهم، فكان أن ارتاد بلاطهم الكثيرون من المستجدين فتات موائدهم، بهدف إزواء فقهاء أهل البيت عليهم السلام.
كما أن الدولة شخصت بشكل أو بآخر نمو الكثير من المذاهب والمعتقدات المختلفة لأغراض شتى متفاوتة، بين الجهل، وإضفاء صفة الحرص على العلم على دولتهم، وإيجاد البدائل الممكنة قبالة مذهب أهل البيت عليهم السلام.
بلى إننا عندما نجزم بحقيقة توجه الدولة العباسية المعادي لخط أهل بيت النبوة عليهم السلام لا يعني ذلك مخالفتنا الفكرية والعقائدية لتطور الأفكار ونموها بقدر ما أردنا الإشارة إليه من تدبير خطير تعاهدته أيدي العباسيين بالرعاية والاهتمام.
ولذا فإن البذور الأولى لنشأة المذاهب الفقهية الإسلامية قد تكونت إبان حكم الدولة العباسية، وأخذت تشتد بمرور الأيام ثم تبين استقلالها وتفرقها بوضوح بعد تردي أوضاع هذه الدولة، وانقسام الحياة الفكرية العامة لدى المسلمين، وسعي تلاميذ أصحاب المذاهب الفقهية المختلفة الدؤوب في الدعوة إلى مذاهبم، بعيدا عن مذهب أهل البيت عليهم السلام، وحيث بقي طوال تلك المدة عرضة للمطاردة والتنكيل، يقابله اعتناق البعض من الحكام لمذاهب معينة وفرضهم على الساحة أن تكون خالية مما عداه من المذاهب الأخرى إلا المذهب الذي يؤمن به.