الخطاب متوجها إلى المشتري مثلا; أي من ينتقل إليه المثمن؟
أو يصح التخاطب مع وكيله أو وصيه، فيقول للوكيل: «بعتك هذا»؟
أو لا يعتبر مطلقا؟
أو يعتبر فيما كان الطرف ركنا كالنكاح، دون غيره؟
والكلام هاهنا في أن السبب عند العقلاء والشارع هل هو العقد الذي خوطب به المشتري; أي يكون الخطاب معه من شرائط صحته وسببيته، فلو خوطب به غيره بطل ولو أراد جدا الانتقال إلى الطرف الحقيقي، أو لا يعتبر؟
والظاهر التفصيل بين ما تعارف فيه لدى العقلاء أن يخاطب المقابل من غير نظر إلى كونه أصيلا أو غيره، كالبيع وسائر المعاملات التي هي نظيره، وبين ما لا يتعارف فيه ذلك، كالنكاح والوقف.
والدليل عليه: أن ألفاظ المعاملات لا بد وأن تكون جارية على قانون الوضع واللسان والمحاورات، من غير فرق بين أن تكون حقيقة أو مجازا أو كناية، إذا جرت على قانون الاستعمال لدى العرف.
فكما أنه لو قال: «أنكحت» وأراد به البيع جدا - من غير اقتران بما يجعله ظاهرا في المعنى المقصود - لم يعد ذلك بيعا، ولم تشمله الأدلة وإن فرض استعماله في إنشاء البيع وقصد به الانتقال، وكذا لو أنشأه بنحو الرمز; بأن جعل المتعاملان حرفا من حروف التهجي علامة إنشاء الإيجاب، وحرفا علامة القبول، وذكرا العلامتين، وأرادا بهما إنشاء النقل وقبوله جدا، لم يكن بيعا، ولم تترتب عليه الآثار لدى العقلاء، ولم تشمله الأدلة الشرعية.
فكذا الحال في المخاطبات الجارية في المعاملات، فلو قال مخاطبا للشمس: «بعتك داري» مريدا بها صاحبه، لم يعد بيعا إلا مع قيام قرينة تجعله ظاهرا في مقصوده عرفا، وكذا لو قال مخاطبا لأجنبي كذلك.