الهبة، ففي الحقيقة يكون ذلك معاملتين، يحتاج كل منهما إلى القبول، لا معاملة فيها معنى الهبة والبيع.
ثم إن ما ذكره في اعتبار الهبة غير مرضي; فإن اعتبارها نقل الملك مجانا أو بعوض، لا قيام مالك مقام مالك آخر، كما أن باب الإرث أيضا نقل الملك إلي الوارث، كما هو ظاهر الكتاب والسنة (1)، لا قيام الوارث مقام المورث كما قيل (2).
مع أن إثبات مطلوبه لا يبتني على كون اعتبار الهبة ما ذكره.
وإن أريد بما ذكر: أن هذا نحو بيع أو نحو معاملة، مفاده إخراج المثمن من ملك شخص، وإدخال ثمنه في ملك آخر، فهو بيع حقيقة ينتج معنى الهبة، أو معاملة تنتج معناهما، كما هو الظاهر من كلامه.
ففيه منع; لأن إنشاء إخراج ملك نفسه عن ملك غيره جدا غير معقول، وإدخال الثمن أو المثمن في ملك الغير - في مقابل إخراج أحدهما عن ملكه أو ملك ثالث - وإن كان معقولا، لكن لا يكون ذلك بيعا، ولا معاملة أخرى عرفا.
ولعله اغتر ببعض الأمثلة، كما يقال: «اشتريت النعل لابني أو للفقير» أو «بعته كذلك».
لكنك خبير: بأن المراد منها الهبة بعد الاشتراء، أو لانتفاعهما بعده، كما يقال: «اشتريت الجل لفرسي» ولهذا لو بدا له بعد الاشتراء ولم يعطهما، لا يعد غاصبا، بل لا يجوز لهما التصرف فيه بعد البيع.
وبالجملة: لا يصدق عليه «البيع» على فرض جواز الإنشاء كذلك جدا،