متحققة قبل اعتبار العقلاء، كما سنشير إليه.
مع أنه لو كان المشاع هو ما ذكر، يلزم التمييز وارتفاع الإشاعة بالتقسيم قهرا، فأي القسمين يكون حينئذ لواحد منهما، والآخر للآخر؟!
وأقوى شاهد على عدم كون الإشاعة ذلك: أن التقسيم بأي نحو وقع لا يرفع الإشاعة، وإنما يرفعها التقسيم الاعتباري المرضي به.
وبعبارة أخرى: إن الرضا بالتقسيم يوجب رفع الإشاعة وحصول التمييز، ولو لم يحصل الانفكاك في الجسم المقسوم، كما أنه لو كانت قطعة من الأراضي مشتركة بينهما، فجعلا علامة لتحديد الحدود ورضيا بالتقسيم، حصل به التقسيم والتمييز، مع عدم حصول الانفكاك في الجسم المشترك، والتقسيم الانفكاكي بلا تراضيهما عليه، لا يوجب التقسيم ورفع الإشاعة.
فيعلم من ذلك: أن الإشاعة أمر غير قابلية الجسم للتقسيمات، وأن رفعها أمر غير التقسيمات الفعلية والتمييزات التكوينية.
مع أن لازم ما ذكره أن التقسيم - بمعنى تمييز الحصص - لا يحصل في الحبوب ونحوها إلا بورود الانفكاك والتقسيم على كل حبة حبة، لا ما هو المتعارف عند العقلاء من تقسيمها، أو أن التقسيم فيها يرجع إلى مبادلة بين المالين، وهو لم يلتزم به، كما أنه خلاف الواقع.
واللازم في تلك المباحث الرجوع إلى العرف والعقلاء، لا إلى المعاني العقلية والفلسفية.
والتحقيق: أن الكسر المشاع اعتبار عقلائي في نفس الموضوعات الخارجية، كاعتبار الملكية والرقية والحرية ونحوها، حيث يعتبرها العقلاء في الموجودات الخارجية، فمع اعتبارها فيها تصدق عليها بالحمل الشائع تلك العناوين، فيقال: «إن الدابة ملك، وإن زيدا عبد، وعمرا حر».