وأما الربا القرضي، وكذا مبادلة من مساو في الأوصاف بمنين نسيئة مثلا، ففيه ما ذكر من الفساد والظلم، وتزلزل السوق، وغيرها من المفاسد المذكورة في كتب علماء الاقتصاد.
ثم إن الإشكال المتقدم والعويصة والعقدة المشار إليها، إنما هي في تجويز الحيلة في هذين القسمين - أي الربا القرضي، والربا المعاملي - في المتساويين بحسب القيمة السوقية.
وأما تجويزها في القسم الأول، فلا إشكال فيه أصلا، ولا عقدة ولا عويصة; لأن المثليات كسائر الأمتعة لها قيمة قد ترتفع، وقد تنخفض، واشتراء من من الحنطة الجيدة بمنين أو بأمنان من الشعير، كاشتراء سائر الأمتعة بقيمتها السوقية، واشتراء دينار أو درهم له قيمة سوقية تساوي دينارين من غير صنفه، أو درهمين كذلك، ليس فيه إشكال وعويصة رأسا.
بل لعل سر تحريم الشارع المقدس المبادلة فيها - إلا مثلا بمثل - خارج عن فهم العقلاء، وإنما هو تعبد، فالحيلة في هذا القسم لا إشكال فيها.
وأما القسمان الآخران; أي الربا القرضي، والمعاملي الذي يعامل ربويا، فلم ترد فيهما حيلة على ما يأتي الكلام فيه، إلا في بعض الأخبار القابلة للمناقشة فيها سندا ومتنا، أو القابلة للجمع بما لا يلزم منه ذلك.
بل لو فرض ورود أخبار صحيحة دالة على الحيلة فيهما، لا بد من تأويلها، أو رد علمها إلى صاحبها; ضرورة أن الحيل لا تخرج الموضوع عن الظلم والفساد وتعطيل التجارات وغيرها مما هي مذكورة في الكتاب والسنة.
فإذا فرض أن القرض إلى سنة بربح عشرين في مائة ظلم، فلو عمل بالحيلة، وباع مائة دينار بمائة وعشرين نسيئة إلى سنة، كان ظلما وفسادا بلا ريب ولا إشكال.