والظاهر من الروايات عدم إعمال التعبد، بل الإرجاع إلى القواعد; فإن أهل المدينة لم يتعبدوا بقول أبي جعفر (عليه السلام)، وكان ذلك العمل فرارا في نظرهم من الربا، لكن كان الفرار غير جائز ومستبعدا عندهم، فقالوا: هذا فرار.
فأجاب (عليه السلام): «نعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال».
فكون ذلك فرارا من عنوان إلى عنوان، كان متسالما بينهم، لكن الإشكال عليه: أن الفرار لا يجوز، فأجاب (عليه السلام) بما حاصله: أن المحرم هو الزيادة في مقابلة الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، ومقابلة المجموع بالمجموع خارجة عن العنوان المحرم، وداخلة في المحلل.
وأما الصرف ولو بلا قصد، فهو أمر بعيد عن الأذهان، ومحتاج إلى التعبد.
نعم، الصرف إذا قصده المتعاملان ليس ببعيد، لكنه مخالف لإطلاق الروايات، كصحيحة الحلبي (1) ورواية أبي بصير (2).
بل وظهورها; فإن الظاهر من «لا بأس بألف درهم ودرهم بألف درهم ودينارين» أو قوله (عليه السلام) في رواية أبي بصير: سألته عن الدراهم بالدراهم، وعن فضل ما بينهما، فقال: «إذا كان بينهما نحاس أو ذهب فلا بأس» أن المقابلة بين المجموع والمجموع لا بأس بها.
وأما قوله (عليه السلام) في صحيحة ابن الحجاج: «أفلا يجعلون فيها ذهبا لمكان زيادتها!» فلم يتضح منه أنه أراد من ذلك في قبال زيادتها، بل الظاهر أنه لأجل الزيادة والفرار من الحرام، أمر بأن يجعلوا فيها الذهب.
كما أن قوله (عليه السلام): «لو جاء بدينار لم يعط ألف درهم» وقوله (عليه السلام) في