سبيل على المحسن.
يقال: وجوب الشهادة لا يرفع الضمان، والإحسان بالنسبة إلى المحكوم عليه ممنوع.
وإنما لم نقل بضمان القاضي - مع أنه بحكمه انقطعت يد المالك عن ماله، لا بصرف شهادة الشهود - لأن شهادة الشهود سبب أصيل في انقطاع يده وذهاب ماله، فتأمل.
نعم، إسراء الحكم من موردهما إلى غيرهما مشكل، إلا بدعوى إلغاء الخصوصية، وهي مشكلة.
وأما الطائفة الثانية وهي العمدة، فدلالتها على المطلوب لأجل أن الإتلاف هاهنا غير المعنى المعهود; أي إفناء المال وإهلاكه، ضرورة أن المدعي الكاذب الذي شهد الشاهدان زورا بنفعه، لو أخذ المال وأتلفه، أو تلف عنده، ضمن بضمان الإتلاف أو اليد، والمتلف هو المدعي حقيقة لا الشاهدان، ولا يعقل أن يكون لشئ واحد إتلافان وتلفان.
فإتلاف المدعي غير إتلاف الشاهد، فالمدعي متلف ومفن للمال، وضامن بضمان الإتلاف، والشاهد موجب - بنحو - لقطع يد المالك عن ماله، وامتناع تصرفه فيه.
ففي الحقيقة: يكون الشاهد سببا لذهاب المال من يد مالكه، فيكون قد أتلف المال على المالك; أي أذهبه من يده.
وهذا غير ضمان اليد، وغير ضمان الإتلاف، بل ضمان لأجل التسبيب لخروج المال من يد مالكه، لا التسبيب الابتدائي وبلا وسط، كإخراج الطير من قفصه، أو تسليم المال إلى الظالم الذي لا يرجى الأخذ منه، أو تخمير العصير