إنشاء النقل سببا حقيقة بعد ما كان سببا إنشاء.
فالإجازة عبارة أخرى عن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «بارك الله في صفقة يمينك» (1) والظاهر من الآية الشريفة أن التجارة لا بد من نشوئها من الرضا.
وبعبارة أخرى: إن الإجازة ليست بناقلة، بل موجبة لكون عمل الغير سببا واقعيا، فالرضا إنما هو بالعقد الحاصل من الغير، ولا يوجب ذلك أن يصير المجيز تاجرا، وعقد الغير عقده ولو قلنا: بأن الوكالة موجبة لكون العقد عقد الموكل، وإن كان فيه أيضا كلام وإشكال كما مر (2).
ومن ذلك يظهر النظر في كلام الشيخ الأعظم حيث قال: التجارة في الفضولي إنما تصير تجارة المالك بعد الإجازة، فتجارته عن تراض (3).
لكن الخطب سهل بعد ما عرفت سابقا (4): من أن المتفاهم من المستثنى منه أن الباطل علة لحرمة أكل الأموال بالباطل، وفي مقابله التجارة عن تراض; لكونها حقا خارجة عنه.
فأكل المال بالباطل منهي عنه لأجل كونه باطلا، وبمقتضى المقابلة الأكل بالتجارة عن تراض غير منهي عنه; لكونها حقا، والعلة تعمم وتخصص، وتشخيص الحق والباطل عرفي.
ولا شك في أن التجارة المرضي بها حق، سواء كان الرضا سابقا، أو مقارنا، أو لاحقا.