لا يكون بصدد بيان حكم الحج صحة وفسادا، بل بصدد التقابل بينه وبين العبد; بأن العبد باق قابل للرد، دون الحج الذي مضى وتصرم، ولم يكن النزاع في المال المصروف في الحج، بل النزاع في العبد، وكان أبو جعفر (عليه السلام) بصدد بيان تشخيص المدعي والمنكر.
فكأنه قال: «الحج غير قابل للرد، دون العبد» فلا دلالة لها على صحته.
ومنها: أن تقديم قول موالي العبد وإرجاعه رقا لهم، خلاف قواعد القضاء; فإن قول الوكيل حجة وكذا فعله، وظاهر الرواية أنه اشترى أباه بما دفع إليه الميت حال حياته، وقوله حجة، فيكون الورثة منكرين، والقول قولهم (1).
وفيه: أن الظاهر من سكوته أنه كان وكيلا للميت وبطلت وكالته بموته، فلا يكون فعله أو قوله حجة; لأنه أجنبي بالنسبة إلى مال الورثة، بل احتمال كونه وصيا للأب أو وكيلا له ثم بطلت وكالته، كاف في عدم اعتبار قوله.
ومنها: أن أصالة الصحة مقدمة على الأصل العملي، والورثة كانوا يدعون صحة الاشتراء فضوليا، وموالي المعتق - بالكسر - كانوا يدعون الصحة الفعلية، وموالي الأب كانوا يدعون الفساد (2).
وفيه: أن المورد ليس من مصب أصالة الصحة; لأنها جارية فيما لو أحرز تحقق معاملة خاصة، وشك في صحتها، وأما إذا دار الأمر بين معاملتين:
إحداهما صحيحة، والأخرى فاسدة، فلا تجري أصالة الصحة، ولا يحرز تحقق الصحيحة بأصلها، فضلا عن المقام المردد بين المعاملة الصحيحة وما ليس بمعاملة; فإن اشتراء العبد بمال مالكه لا معنى له، ومخالف لمفهوم البيع.