ومنها: أن يكون الإكراه داعيا للداعي، فالفعل مستند إليهما طولا، فاحتمل فيه وجهان أيضا، وحمل كلامه عليه (1).
أقول: أما على مسلك القوم - من أن الرضا هو طيب النفس، والإكراه هو الحمل على ما يكرهه، أو بلا طيب نفس (2) - فالصور الثلاث باطلة; لعدم إمكان اجتماع الطيب واللاطيب استقلالا، ولا بنحو جزء السبب، ومعه لا معنى لتأثيرهما ولا لتعارضهما، وعدم إمكان الداعي إلى الداعي; لأن الداعي الثاني يطرد الأول، فكيف يمكن كونه معلولا له؟!
ثم على فرض اجتماعهما في الصورة الأولى، فكيف يقدم دليل الصحة مع حكومة دليل الرفع عليه، فمع اجتماع موضوع الدليلين في مورد يقدم الحاكم، فهل يمكن أن يقال: إن دليل حرمة الكذب أو الخمر في مورد الإكراه مقدم; لأن التعارض من قبيل المقتضي واللامقتضي؟!
ولا فرق بين المقامين إلا بعدم الاجتماع في المقام، وهم يلتزمون باجتماعهما.
وأما على مسلكنا - من أن الرضا هو الرضا المعاملي الحاصل حتى بعد الإكراه، والإكراه هو الإلزام بالشيء قهرا وإن طابت نفسه فرضا كما تقدم (3) - فلا يجتمعان في الصورة الأولى والثالثة; لأن الرضا بحسب الحوائج إذا كان تاما مستقلا، لا يعقل انبعاث المأمور من الأمر والإلزام، فأمره كلا أمر، لا يوجب الإكراه كما مر (4).