أن القيد احترازي.
وفيه: أن الرضا المعاملي غير الطيب وغير القصد; فإن القصد من صفات النفس الفعلية، والرضا من صفاتها الانفعالية، وقد مرت التفرقة بين الرضا والطيب (1).
فالرضا مقابل التأبي والامتناع، سواء حصل بمقاصده النفسانية، أو بإلزام ملزم وإكراه مكره، ولا مفهوم للوصف، مع أنه من القيود الغالبية، فلا يكون للاحتراز، وعليه يجتمع العنوانان وتصح الحكومة.
نعم، قد أشرنا في أوائل البحث إلى أن بطلان بيع المكره عقلائي (2)، فهل ترى من نفسك أن العقلاء والمحاكم العرفية، يحكمون بلزوم الوفاء بالعقد إذا ضربه وحبسه حتى باع داره؟! ولا شك في أن الأدلة الشرعية منصرفة عن مثله، ويكون هذا من أكل المال بالباطل، وهذا واضح جدا.
ومعه لا مجال لحكومة دليل الرفع، إلا أن يكون الاستدلال به مع الغض عما ذكر.
ثم إن الظاهر من دليل الرفع أن المرتفع هو الأعمال الصادرة عن إكراه أو اضطرار; بحيث صار الإكراه أو الاضطرار منشأ لصدورها.
فمن أراد إيقاع البيع بحسب مقاصده النفسانية، فامر به واوعد على تركه، ولا يؤثر أمره وإيعاده في إيقاعه، لا يرتفع ذلك بالحديث.
وكذا من كان من عادته شرب الخمر، اضطر إليه أم لا، ثم اضطر إليه، لكن شربها بمقتضى عادته، لا يرتفع حكمه بالحديث; إذ الظاهر من «رفع... ما اضطروا إليه» - ولا سيما بمؤونة كونه حكما امتنانيا - أن المرفوع ما أوقعه