وكذا لا يعقل أن يكون الإلزام قهرا داعيا إلى الرضا، إذا أريد به الرضا الحاصل من حوائجه.
وأما الرضا الأعم من الحاصل بالإكراه، فلا منع من اجتماعهما، بل في المعاملات الإكراهية يصير الإكراه داعيا إلى الاختيار والرضا المعاملي والإرادة، ومع اجتماعهما يكون دليل الإكراه حاكما وموجبا للفساد.
كما يجوز الاجتماع بنحو جزء السبب، فلا مانع من اجتماع أمر القاهر والداعي النفساني الناقص، فإذا كان كل منهما ناقصا في التأثير، والمجموع تاما، فالظاهر صحة المعاملة; لأن الرضا حاصل، ودليل الإكراه قاصر عن شمول المورد; لكونه ظاهرا في الاستقلال، ودليل (تجارة عن تراض) (1) وإن كان كذلك، لكن الرضا الحاصل بالإكراه مشمول له، وإنما يدفع بالحكومة المفقودة هنا.
لكن هنا إشكال على القوم وعلينا:
أما عليهم: فلأن المراد من (تجارة عن تراض) إن كان التجارة عن طيب النفس، تخرج التجارة المكرهة عن أدلة صحة المعاملات تخصصا، ومعه لا معنى لحكومة دليل الإكراه، فلا حكم حتى يرفع بالحكومة.
فالاستدلال بدليل الرفع لبطلان بيع المكره غير صحيح، إلا أن يكون مع الغض عن ذلك، كالاستدلال بالأصل والدليل الاجتهادي، وهو خلاف ظاهرهم.
وأما علينا: فلأن الرضا إن كان بمعنى ما هو حاصل بغير إلزام وإكراه، يرد عليه الإشكال المتقدم، وإن كان المراد القصد إلى حصول المفاد، فمع عدمه لم يكن العنوان صادقا، والظاهر من قوله تعالى: (تجارة عن تراض)