وذلك لأن العلم بترتب الأثر عليه بعد الإجازة أو لحوق القبول، موجب لتحقق الجد، فإذا علم الفضولي بأن إيقاع المعاملة جدا يترتب عليه الأثر بعد الإجازة، وعلم بلحوقها بها، تحقق منه الجد جزما، بخلاف ما لو علم بعدم اللحوق; فإن الجد لا يعقل فيه، بل يكون في إنشائه كالهازل واللاغي.
والمراد بالجد هو الجد في المبادلة الإنشائية، لا حصولها حقيقة; فإن الجد به غير معقول حتى من الموجب في البيع الصادر من الأصيلين.
فتحصل من ذلك: أن الإشكال في الصدق العرفي في الصورتين الأوليين في غير محله، سواء ادعي أن المعتبر في صدقه مقارنة طيب نفس المالك به، أم ادعي أن المعتبر مقارنة طيب نفس العاقد به، أو ادعي أن العقد غير المؤثر فعلا ليس بعقد; فإن الرضا المعاملي حاصل، ولا يعتبر طيب النفس كما مر (1)، ولما عرفت من عدم تعقل دخالة ما هو من مبادئ وجود الشئ أو من آثاره في قوام ماهيته.
مع أن الصدق العرفي في بيع المكره والفضولي والبيع الربوي، لا ينبغي الإشكال فيه.
وبه يدفع توهم: أن أمر المعاملة عند العرف لا يدور بين الصحة والفساد، بل بين الصدق وعدمه; فإن البيع الواقع عن إكراه وجبر لا يكون في محيط العرف وفي المحاكم العرفية لازم الوفاء، ولا يرى العقلاء البائع المكره ملزما بالوفاء بقراره وعقده وشرطه.
ومع هذا الارتكاز، تكون الأدلة العامة - مثل (أوفوا بالعقود) (2)