بعدم لحوق رضاه به.
أما الصورة الأولى: فلا شبهة في صدق «البيع» عليه عرفا; لتحقق الإنشاء جدا بغرض حصول مضمونه، ولا دخالة لشئ آخر في الصدق، ومجرد كون بعض المبادئ البعيدة فيه مغايرا لما في بيع غير المكره، لا يضر بالصدق; لعدم معقولية دخالة تلك المبادئ في صدق العنوان المتأخر.
فبيع المكره وغيره لا يفترقان إلا في أن مبدأ اختيار الأول هو ترجيح البيع على الضرر المتوعد به، ومبدأ اختيار الثاني ترجيحه بحسب مقاصده النفسانية، وذلك المبدأ البعيد لا تعقل دخالته في صدق عنوان «البيع» ولا ترتب الأثر الشرعي وعدمه دخيل فيه; لأن الأثر متأخر عن عنوانه ومترتب عليه، فلا تعقل دخالته في صدقه، ولهذا يصدق على البيع الربوي وبيع الخمر ونحوهما.
وبالجملة: لا تعقل دخالة ما هو من مبادئ الوجود أو الآثار اللاحقة به في صدقه.
والظاهر صدقه في الصورة الثانية أيضا; إذ لا يعتبر في صدقه الجزم بحصول المضمون، بل إيقاعه - برجاء لحوق الرضا به - يكفي في صدقه.
وأما الصورة الثالثة: فلا يعقل تحقق الجد به; ضرورة امتناع الجد بداعي سببية العقد مع العلم بعدمها، ومع فقده لا يصدق عليه «البيع» و «العقد».
ولا يرد عليه النقض ببيع الفضولي وبيع المكره ولو مع العلم بلحوق الإجازة، بل بالإيجاب، بدعوى أن الأثر المطلوب لا يترتب فعلا على شئ منها; فإن الإيجاب لا يترتب عليه الأثر ولا يكون سببا فعليا إلا مع تعقبه بالقبول، وكذا بيع المكره والفضولي قبل الإجازة، فيأتي الإشكال العقلي المذكور فيها، فإيقاعها لغرض ترتب الأثر عليها غير معقول، فلا بد من الالتزام بعدم الصدق.