بها، بالرغم من كل ما تثيره في نتائجها من تهاويل الخوف باعتبار أن نزول الآية التي لا يعقبها الإيمان يؤدي إلى نزول العذاب. ويتأكد الإشكال في الآيات المقترحة التي أراد الله من رسوله أن يعرفهم امتناع استجابة الله لهم في طلبهم إياها، وهو القادر على ذلك لأنه المهيمن على الكون كله، فيما يريد أن يخلقه من ظواهر غير موجودة، أو فيما يريد أن يغيره من حال إلى حال في الظواهر الموجودة، فان الأمر خاضع لحكمته لا لاقتراحهم.. أما النبي الذي تقدم إليه تلك الطلبات فليس قادرا على ذلك، لأن بشريته تمنعه من قدرته على ذلك كما أن صفة الرسالة لا تجعل له دورا في تغيير الظواهر من حوله.
ولعل هذا الجو هو الذي يتمثل للإنسان القارئ للقرآن في ملاحقته لخطوات الرسالة أمام التحديات الموجهة إليها من المشركين.. وفي ضوء ذلك قد نلاحظ اختلاف هذا التفسير مع المفاهيم القرآنية العامة فيكون الحديث المتضمن لها حديثا مخالفا للظواهر القرآنية.
وقد أجاب هؤلاء المفسرون للآية بما ذكر، بأن الآية التالية لها تؤكد بأن المقصود من انشقاق القمر، هو ما حدث على يد الرسول (ص) في مكة فيما رواه المفسرون، وذلك لأن الظاهر من قوله تعالى: (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) أنها آية واقعة قريبة من زمان النزول، أعرض عنها المشركون كسائر الآيات التي أعرضوا عنها وقالوا: سحر مبين.
وقد يورد عليهم بأن الآية الثانية لا تدل على أنها من توابع الفكرة التي تثيرها الآية الأولى.. بل ربما كانت الأولى عنوانا للأجواء التي توحي بيوم القيامة، فيما يراد إثارته من تذكير هؤلاء المشركين وغيرهم به، لتنطلق الآيات بعدها لتتحدث عن سلوكهم المنحرف عن الرسالة الذي يعرضهم للنتائج الصعبة على مستوى العذاب في نار جهنم.. وبذلك يكون الحديث عن ردهم الآيات بأنها سحر مستمر مماثلا لكل الآيات التي تتحدث عن تهمة النبي (ص) بأنه ساحر من دون أن تكون مرتبطة بحادثة معينة.. وقد نلاحظ، في هذا المجال، ضرورة التدقيق في كلمة (مستمر) التي تعني انطلاق التهمة قبل الآية لتكون مستمرة بعدها.. مما قد يتنافى مع انطلاق تهمة السحر من خلالها.
وقد أجاب بعض المفسرين عن استلزام نزول الآية للعذاب بعدها في حالة الكفر، بأن ذلك لا يشمل كل الناس الموجودين آنذاك، بل الجماعات المقترحة لها المكذبة بنتائجها، وقد أهلك الله هؤلاء وهم صناديد مكة ".
إلى أن قال: