رواية أنس بن مالك، قال الإمام احمد: حدثنا معمر، عن قتادة عن أنس بن مالك قال: سأل أهل مكة النبي (ص) آية، فانشق القمر بمكة مرتين فقال: اقتربت الساعة وانشق القمر.
ومن رواية جبير بن مطعم، قال الإمام احمد: حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سليمان بن كثير عن حصين بن عبد الرحمن، عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: انشق القمر على عهد رسول الله (ص) فصار فلقتين، فلقة على هذا الجبل وفلقة على هذا الجبل فقالوا: سحرنا محمد، فقالوا: إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم.
وفي أمالي الشيخ - أبي جعفر محمد بي الحسن الطوسي، بإسناده عن عبيد بن علي عن الرضا عن آبائه عن علي - عليهم السلام - قال: انشق القمر، بمكة فلقتين فقال رسول الله (ص): اشهدوا اشهدوا. وقد ذكر في الميزان أن علماء الشيعة ومحدثيهم تسلموا الخبر بانشقاق القمر لرسول الله (ص) من غير توقف. ونقل في روح المعاني عن السيد الشريف في شرح المواقف وعن ابن السبكي في شرح المختصر أن الحديث متواتر لا يمترى في تواتره.
ولكننا لا نستطيع إحراز التواتر من خلال هذه الأخبار التي لم يكن رواة بعضها موجودين في زمن الانشقاق المفروض ليكونوا شهودا عليه، مما يعني أنهم نقلوه عن أشخاص آخرين لا نعرف وثاقتهم، الأمر الذي قد يجعل منها أخبار آحاد لا تثبت بها مثل هذه الأمور كما قرر في علم الأصول.. وقد يكون التسالم على قبولها ناشئا من الاجتهاد التفسيري في معنى الآية على أساس أن الآية الثانية تفسر ذلك فيكون الاعتماد على القرآن في توثيق المضمون الخبري لا على طبيعة الخبر.
فإذا تجاوزنا ذلك، إلى موضوع الإمكان، فلا بد أن نسلم بأنه من الأمور الممكنة في ذاتها، وقد حدثنا القرآن عن انشقاق السماء ونحو ذلك من الحوادث التي تتصل بتبدل الظواهر الكونية وتغيرها عما هي عليه، فإذا صح الخبر فيها ثبت وقوعها.
أما النقطة الثانية، فقد أثير حولها الإشكال من جهة الآيات الكثيرة التي تنفي صدور الآيات المعجزة لا سيما المقترحة من قبل الناس كما في قوله تعالى: (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) (1) فإن مفاد الآية يوضح بأن الإرسال بالآيات لا يحقق أية نتيجة في دائرة الإيمان، لأن السابقين الذين أرسلت الآيات إليهم لم يتجاوبوا معها، ولم ينتفعوا