5 - وكذلك الحال بالنسبة لآية (102) من سورة يوسف، وهو قوله تعالى: (ذلك من انباء الغيب نوحيه إليك.. (فإنها دالة على أن معرفته (صلى الله عليه وآله) بتلك الأخبار الغيبية إنما كانت عن طريق الإنباء والوحي، لكنها لا تعين لنا متى كان ذلك، فلعله كان قبل سنوات من البعثة، لكنه لم يؤمر بإبلاغه إلى أن يحين وقته، وقد حان وقته الآن...
6 - ونفس هذا الكلام يجري بالنسبة للآية (86) من سورة القصص: أعني قوله تعالى: (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك (، فإن المراد بها أن إنزال القرآن عليه كان رحمة من الله، فرجاؤه إنما هو سبيل رجاء الرحمة الإلهية.
ولا دليل يثبت أن حدوث هذا الرجاء كان حين البعثة، فلعل رجاءه هذا قد بدأ في أول لحظات حياته، ومنذ امتلك الشعور والإدراك.
7 - أما آية سورة يونس: (قل: لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به (فإنها تدل على أنه إنما أذن الله سبحانه له في تلاوة القرآن عليهم بعد مضي وقت طويل قبل ذلك..، ولكن ذلك لا يعني أن القرآن قد نزل عليه في أول يوم بعثته إليهم كرسول، فلعله نزل عليه قبل سنين كثيرة، لكن الله لم يأذن له بتلاوته عليهم إلا في هذا الوقت..
8 - وأما آية سورة العنكبوت (48): (وما كنت تتلو من قبله من كتاب، ولا تخطه بيمينك (.. فلا تدل على أنه لم يكن يعرف القراءة، بل هي تتحدث عن التلاوة التي هي إلقاء الكلام ولو عن ظهر قلب.
فالمقصود: أنه لم يتل أيا من كتب السابقين.. كالتوراة والإنجيل ونحوهما قبل أن ينزل القرآن عليه، فالقرآن هو أول كتاب تلاه وألقاه.
بل هي لا تدل أيضا على أنه لم يكن يعرف الكتابة، لأنها إنما تتحدث عن أنه (ص) لم يكن يخط الكتب السالفة بيمينه.. فكيف يتهمونه بأمر ما رأوه قد مارسه، ولا يوجد أي دليل على أنه اطلع على أي كتاب سابق.. لا من خلال تلاوته له، ولا من خلال كتابته لمضامينه، فما هو المبرر لاتهامه بأنه قد استفاد من تلك الكتب إلا مجرد الحدس والتخمين، والرجم بالغيب.