ونقول:
إن العقل يرفض أخذ البريء بذنب المجرم، كما أن النصوص القرآنية قد ألمحت وصرحت مرارا وتكرارا بأن الله لا يظلم أحدا، ولا يعامل البريء والمذنب على حد سواء، (أفنجعل المسلمين كالمجرمين) (1). وصرحت الآيات أيضا بأنه تعالى إنما يهلك أهل القرى بظلمهم، ويأخذهم بذنوبهم.. (2).
بل صرحت بأن الله ينجي المؤمنين، ويهلك من عداهم فقد قال تعالى:
(واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر، إذ يعدون في السبت، إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون. وإذ قالت أمة منهم: لم تعظون قوما الله مهلكهم، أو معذبهم عذابا شديدا، قالوا: معذرة إلى ربكم، ولعلهم يتقون. فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء، وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون، فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ((3).
وبعدما تقدم نقول:
صحيح أن السنة الإلهية جارية على أن عذاب الاستئصال إذا نزل، فإنه يعم كل من نزل عليهم..
ولكن من الواضح أيضا: أن العذاب إنما ينزل على خصوص المجرمين، إما لارتكابهم الجرائم فعلا، أو لأجل رضاهم بها وعدم قيامهم بواجبهم في رفعها، وعدم تحريكهم ساكنا في مواجهتها.
فيأخذهم الله بذنوبهم نفسها.. فهل يمكن اتهام لوط بأنه مقصر في واجباته، أو أنه مرتكب للجرائم أو راض بارتكابها؟! أو هل يمكن اتهام إبراهيم بأنه يجهل هذه الحقيقة أعني حقيقة أن الله لم يكن ليعذب نبيه بعذاب الاستئصال؟ بل ينجيه منه وينجي من آمن معه؟!
ولأجل ذلك نجد أن الله سبحانه لم يغرق قوم نوح حتى صنع نوح