السفينة، وحمل بها كل من آمن معه، فلماذا لم يتعلم إبراهيم - عليه السلام - من هذه القضية بالذات.
وقد سئل الرضا (عليه السلام): لأي علة أغرق الله عز وجل الدنيا كلها في زمن نوح عليه السلام وفيهم الأطفال، وفيهم من لا ذنب له؟ فقال عليه السلام: (ما كان فيهم الأطفال، لأن الله (عز وجل) أعقم أصلاب قوم نوح (عليه السلام)، وأرحام نسائهم أربعين عاما، فانقطع نسلهم، فغرقوا ولا طفل فيهم، وما كان الله - عز وجل - ليهلك بعذابه من لا ذنب له.
وأما الباقون من قوم نوح (عليه السلام) فأغرقوا لتكذيبهم نبي الله نوحا (عليه السلام)، وسائرهم أغرقوا برضاهم بتكذيب المكذبين.
ومن غاب عن أمر، فرضي به كان كمن شهده وأتاه) (1).
وسأل سدير أبا جعفر (عليه السلام): أرأيت نوحا (عليه السلام) حين دعا على قومه، فقال: (يا رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك، ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا)؟.
قال (عليه السلام): (علم أنه لا ينجب من بينهم أحد، قال: قلت: وكيف ذلك؟! قال: أوحى الله إليه: (إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن (فعند هذا دعا عليهم بهذا الدعاء) (2).
وعن ابن عباس: قال عزير: يا رب، إني نظرت في جميع أمورك وإحكامها، فعرفت عدلك بعقلي، وبقي باب لم أعرفه، إنك تسخط على أهل البلية، فتعمهم بعذابك، وفيهم الأطفال!
فأمره الله تعالى: أن يخرج إلى البرية، وكان الحر شديدا، فرأى شجرة فاستظل بها ونام، فجاءت نملة فقرصته، فدلك الأرض برجله، فقتل من النمل كثيرا، فعرف أنه مثل ضرب، فقيل له:
(يا عزير، إن القوم إذا استحقوا عذابي قدرت نزوله عند قضاء آجال الأطفال، فماتوا أولئك بآجالهم، وهلك هؤلاء بعذابي) (3).