محمد (صلى الله عليه وآله) بأنه كان متسرعا في موقفه، وواقعا تحت تأثير المفاجأة، حتى إنه حينما جاءته الملائكة بالبشرى استغرب ذلك واستبعده..
كما أنه قد عرض به (عليه السلام) حين اعتبر أن ليس من الضروري أن يكون إبراهيم (عليه السلام) مستحضرا في نفسه لكل الأمور المتصلة بالأحداث بحيث يفقد عنصر المفاجأة في كل شيء.
فإن هذا التعريض مرفوض جملة وتفصيلا، إذ مهما كان وقع المفاجأة على إبراهيم (عليه السلام) قويا، فإنه لا يمكن أن لا يمر في وهمه: أن الله سبحانه رحيم بالعباد، ولا يفعل إلا الحق، ولا ينزل العذاب إلا بمن يستحق.
ولا يمكن أيضا أن تختلط عليه الأمور فيظن أن الله سبحانه ينزل العذاب بحيث يشمل حتى نبيه الذي أرسله.. فإن غضب الله سبحانه ليس عشوائيا بحيث لا تبقى ثمة ضوابط أو معايير لما يصدر عنه ومنه، وحاشا إبراهيم أن يظن بالله ذلك.
5 - وإذا كان هذا البعض قد أدرك هذه الحقيقة، وهي إساءة القوم واستحقاقهم نزول العذاب عليهم، ثم نزوله بالفعل، ونبي الله فيهم معناه هلاك ذلك النبي الأمر الذي لا بد أن يمنع من نزول العذاب - نعم إذا أدرك هذا البعض ذلك فكيف لم يدركه إبراهيم النبي (صلوات الله وسلامه عليه)؟!.
6 - وقد كان من المفروض: أن يثور احتمال لدى إبراهيم، إن يخرج الملائكة لوطا من بين قومه، ثم يهلكونهم بما فعلت أيديهم.
7 - ومن الواضح: أن إبراهيم كان يعلم: أن للشفاعة تأثيرا في رفع العذاب، وهي من أسباب غفران الذنوب حتى الكبيرة..
وقد كان الموقف يحتاج إلى إظهار وتجسيد حقيقة أن عذاب قوم لوط قد أصبح من المحتوم، وأن جرائمهم هي من الخطورة إلى درجة أنها حجبت حتى عنصر الشفاعة عن التأثير في رفع العذاب عنهم.. وقد كان من واجب إبراهيم أن يبادر إلى ذلك الموقف من أجل أن تستنفد جميع الأسباب، من جهة، ومن أجل إظهار وتجسيد هذه الحقيقة بالذات من جهة أخرى..
8 - إن هذا البعض قد ادعى أن إبراهيم خاف على لوط، ولم يكن يعرف أن الله ينجي أنبياءه من عذاب الاستئصال.