ذلك؟.. هل هي وسوسة الشيطان..؟ وكيف لم تنتبها إلى وسوسته..؟ ألم أحذركما منه (وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) يضمر لكما الحقد والعداوة والحسد.. منذ رفض السجود مع الملائكة وخالف أمر الله بذلك.. ووقف وقفة التحدي للإنسان ليغويه ويضره ويقوده إلى عذاب السعير.. وها أنتما تريان كيف قادكما إلى هذا الموقف المهين.. وتمثلت لهما الجريمة في مستوى الكارثة.. كيف نسيا تحذير الله لهما.. كيف أقبلا على ممارسة الرغبة المحرمة وغفلا عن عداوة الشيطان لهما.. وكيف خالفا أمر الله الذي خلقهما وانعم عليهما.. وبدءا يعيشان الندم كأعمق ما يكون.. في إحساس بالحسرة والمرارة والذعر.. ولكنهما لم يستسلما لهذه المشاعر السلبية طويلا ولم يسقطا في وهدة اليأس.. فلهما من الله أكثر من أمل " (1).
ويقول مشيرا إلى إحساس آدم بالخزي والعار:
" (ينزع عنهما لباسهما) الذي يستر عورتيهما.. فيما ألقى الله عليهما من ألوان الستر (ليريهما سوآتهما) ليعيشا الإحساس بالخزي والعار " (2).
ويقول أيضا مشيرا إلى نفس الموضوع:
".. وجاءت هذه الآيات التي تبدأ النداءات بكلمة (يا بني آدم) للإيحاء إليهم بالتجربة الحية التي عاشها آدم مع إبليس.. لئلا يكون التفكير في المسألة في المطلق.. بل يكون من موقع التاريخ الحي.. وقد استوحت الآيات قصة العري الذي شعر به آدم بسبب معصيته، في حالة من الإحساس بالخزي والعار.. لتوجه بنيه إلى النعمة التي أنعم الله بها عليهم، فيما خلق لهم من اللباس الذي يصنعونه من أصواف الأنعام وأوبارها وشعورها " (3).
ويقول أيضا:
".. كانت أول تجربة لهما في الوجود.. وانسجما مع التجربة في بساطة وعفوية.. وكان الشيطان لهما بالمرصاد. فقد عرف أن الفكر الذي يملكه الإنسان لا يقوى على مواجهة التحديات إلا من خلال التجارب المريرة التي يتعرف من خلالها أن الحياة لا تتمثل في وجه واحد، فهناك عدة وجوه وألوان.. ولم تكن لهذين المخلوقين الجديدين أية تجربة سابقة مع الغش والكذب والخداع واللف والدوران.. كان الصدق.. وكانت البساطة في مواجهة الأشياء، وكانت العفوية في تقبل الكلمات.. هي الطابع للشخصية البريئة الساذجة التي تتمثل في كيانهما..