بقيته له ولفاطمة والحسنين (عليهم السلام)، وأمره إذا أكمل مراسم غسله وتكفينه أن يجلسه ويسأله عما يريد ويكتب ما يقول، وأن يدفنه في البقعة التي يقبض الله فيها روحه الشريفة. (تهذيب الأحكام: 6 / 2، وبصائر الدرجات / 304، وشرح الأخبار: 2 / 419، ودعائم الإسلام: 1 / 234).
وقد غاب الطلقاء وزعماؤهم عن مراسم تجهيز النبي (صلى الله عليه وآله) والصلاة عليه ودفنه لانشغالهم بالسقيفة والتردد إلى بيوت الأنصار المتباعدة لإقناعهم ببيعة أبي بكر، وكان غيابهم فرصة مناسبة لعلي (عليه السلام) والعترة النبوية لتنفيذ وصية الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) على أحسن وجه، ولم يترك علي (عليه السلام) جنازته ووصيته ويذهب إلى السقيفة ليخاصم الطامعين في سلطان النبي (صلى الله عليه وآله)!
أما بعد انتهاء المراسم فقال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة: 1 / 29: (وخرج علي كرم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله (ص) على دابة ليلا في مجالس الأنصار تسألهم النصرة فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به، فيقول علي كرم الله وجهه: أفكنت أدع رسول الله في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه؟! فقالت فاطمة: ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم)! (والاحتجاج: 1 / 96).
لهذا السبب، فإن أي رواية في مراسم دفن النبي (صلى الله عليه وآله) ومكانه، ينبغي أن تأخذها الأمة من أهل بيت النبي (عليهم السلام) فهم مضافا إلى وصية النبي (صلى الله عليه وآله) بهم، أخبر الناس بما يجب ولا يجب في هذا المراسم، وأخبر بما جرى وأين دفن النبي (صلى الله عليه وآله)، أما غيرهم فكانوا غائبين عن ذلك مشغولين بالسقيفة والذهاب إلى منازل الأنصار المتباعدة، من ساعة وفاته (صلى الله عليه وآله) يوم الاثنين إلى يوم الجمعة أو السبت،