وبالجملة: إيجاب الله سبحانه الاحتياط إما تكليف بالمحال، أو إيقاع في العسر والحرج، نعم لا إشكال في حسنه وإمكانه بقدر الامكان.
هذا كله، مضافا إلى إجماع العلماء على عدم تعين الاحتياط فيما يحصل الظن به.
أقول الجواب: أما عن أن الاحتياط لا دليل قطعيا له، فبأنه مسلم، ولكن الخصم يحتاج إلى دليل قطعي، بل يكفيه الاحتمال، ولا أدري أن أي دليل قطعي على العمل بالظن مع أنه سلم واعترف بوجود الدليل الظني عليه 1، وهو كاف للخصم، لأنه يقول بعد بقاء التكليف، وانسداد باب العلم: إما يجب العمل بالظن، أو الاحتياط، وعلى التقديرين، يثبت المطلوب، أما على الثاني:
فواضح، وأما على الأول: فلظنية وجوب الاحتياط، فيكون وجوب الاحتياط على ذلك قطعيا.
وأما عن قوله: بأن الاحتياط غير ممكن غالبا، فمع أن قيد الغالب غلط، إذ الموارد الغير الممكن فيها الاحتياط نادرة جدا: فبأنه لا أدري ما ضرر عدم الامكان في بعض الموارد؟ فان العمل بالظن أيضا لا يتيسر في كثير من الموارد، إما لأجل عدم حصول ظن، أو لحصول ظن لا يجوز العمل به إجماعا، كظن القياسي و نحوه، فما تفعله أنت في مثل تلك الموارد؟ للخصم أن يقول: إني أفعله في موارد عدم إمكان الاحتياط.
والملخص: أنه كما أن بناءك في العمل بالظن مقيد بحال الوجود والامكان، كذلك بناء خصمك في العمل بالاحتياط وأما عما قال: من أنه مناف لما اشتهر من وجوب الاجتهاد أو التقليد: فبأنه مناقض مع ما صرح به أخيرا من قطعية استحباب الاحتياط بقدر الامكان، مع أن ما قال: إنه مشهور، ليس كذلك، بل المشهور أن الناس ثلاثة أصناف: مجتهد، و