أمثال ذلك، فإنها لا يمكن أن توجد أولا محدودة، بأن يتفق 1 سواد محدود إلى زمان أو حال، أو علم كذلك، ويرتفع بعد انقضاء الزمان أو الحال، ولو لم يطرأ عليه مزيل أو رافع، أو يتحقق الجلوس الكذائي.
وأما قول الآمر: اجلس ساعة، فهو مقتض لتحقق وجوب الجلوس المحدود، دون نفس الجلوس، والوجوب من قبيل الأول.
وكذا الحال في الأمور الشرعية (من الأحكام الشرعية) 2 والوضعية، فان منها: ما لا يقتضي وجوده في زمان بقاءه في اخر لولا المزيل.
ومنها: ما يقتضيه، فلا يرتفع الا برافع فالأول: كالوجوب، والتحريم، ونحوهما.
والثاني: كالطهارة، والنجاسة، والحدث، والملكية، والرقية، وأمثالها.
فان وجوب شئ في زمان أو حال أو حرمته لا يقتضي بقاء الوجوب أو الحرمة في زمان اخر أو حال اخر وان لم يطرأ مزيل ورافع، بل يمكن أن يكون المتحقق أولا هو الوجوب المقيد، بخلاف الطهارة وأمثالها، فان وجودها في زمان كاف في ايجاب بقائها في زمان بعده لولا ورود الرافع عليها، ولا يمكن أن تتحقق أولا محدودا بحد.
لا أقول: إنها مثل العلم والسواد ونحوهما، أي: لا يجوز أن يكون كذلك، ولا يحتمل وقوعها محدودا عقلا.
بل نقول: انه وإن جاز ذلك في تلك الأمور الشرعية عقلا، ولكن حصل بالتتبع والاستقراء في أدلة الاحكام، وأخبار سادات الأنام، وكلمات العلماء الاعلام، ومن ملاحظة طريقتهم وسيرتهم، أن هذه الأمور كذلك مطلقا.