بأنها مفيدة للعلم، لا يدل على وجوبه بالنسبة إلى من ليست عنده كذلك، وذلك لأن ذلك التعليل في قوة: أن قول الشاهدين إذا كان مفيدا للظن حجة، أو لمن أفاد له الظن حجة، والأخبار المذكورة إذا كانت معلومة الصحة والصدق أو مفيدة للعلم حجة، أو حجة لمن كانت كذلك بالنسبة إليه.
وهذا توهم فاسد وخطأ فاحش، لأنه لو كان كذلك لسقط التمسك بالإجماع بالمرة، ولا يكون هو واحدا من الأدلة الشرعية.
بيان ذلك: أن العلماء الذين يحصل من اتفاقهم الإجماع على حكم بأي طريق من الطرق المتقدمة، لا يخلو: إما يظهر مستند الجميع في الحكم الذي أجمعوا عليه لمن يريد تحصيل الإجماع، أولا.
فإن ظهر مستند الجميع، فإما يكون مستندهم كلا مقبولا عند مريد التحصل، متحققا عنده، حجة لديه، أو لا يكون الكل كذلك.
فإن كان الأول، فمع أنه لا يكاد يتحقق مثل ذلك في موارد الاحتجاج 1، لا يكون حاجة إلى الإجماع أصلا، لكفاية ذلك المستند في إثبات الحكم.
وإن كان الثاني، أي كان دليل الكل أو بعضهم غير تام عند المحصل للإجماع أو غير متحقق، فعلى ما ذكره هذا المتوهم يكون الحكم مقيدا بالنسبة إلى من كان ذلك الدليل تاما عنده متحققا لديه، فلا يثبت إجماع بالنسبة إليه أصلا.
ومنه يظهر الحال فيما إذا كان دليل الكل غير مقبول عنده، ومنه يسري إلى من لم يكن دليل الكل عنده معلوما، سواء كان دليل البعض معلوما أم لا، لجواز كون دليل من لا يعلم دليله - كلا أو بعضا - غير مقبول أو غير متحقق عند مريد التحصل، بل المظنون أنه كذلك، لأنه الغالب، فلا يتحصل الإجماع.
مثلا: إذا أجمع العلماء على حكم، كوجوب قبول قول الشاهدين، واستدل بعضهم له بالسماع من الإمام، وآخر بالإجماع، وثالث بالشهرة، ورابع بورود