كتابا برأسه، هل يفيد الظن بحرمة العمل بالظن أم لا؟
فإن قلت بالأول، يكون في عملك بالظن مظنة الضرر، ودفع الضرر المظنون واجب.
وإن قلت بالثاني، قلت: لا أدري أنه ما الباعث على أن جميع تلك الآيات والأخبار لا يفيد الظن، وتقول في المسائل الاخر: إن خبرا ضعيفا، بل قول فقيه يورثه؟!
وقد تصدى بعضهم لرد ذلك البحث، فبعد ما قال: والجواب أما عن أدلة تحريم العمل بغير العلم، ففلان وفلان، فقعد وقام وهرب من هذا الطرف إلى هذا الطرف، ورأى أنه لا مفر له، قال: إنك قد عرفت أن هذا الدليل ونحوه ليس دليلا تاما إلا أن يعتبر فيه مقدمات اخر من ثبوت التكليف، ولزوم الخروج من الدين، والعسر والحرج.
أقول: وقد عرفت فساد تلك المقدمات.
ثم إنه يرد على هذا الدليل والدليل السابق عليه: الاعتراض الأخير الذي ذكرناه على الدليل الأول، كما أشرنا إليه.
وبالجملة فساد ذلك الدليل أيضا كسابقيه في غاية الظهور.
والإنصاف: أن أمثال هذه الأدلة مما يتمسك به العامة في موارد كثيرة، و موافقة لمذاقهم، ومناسبة لطريقتهم، ولا يليق بالشيعي أن يلوث ذيل تشيعه بأمثالها.
ومما تلوناه عليك ظهر أنه لا دليل تاما على حجية مطلق الظن أصلا، بل الأدلة على عدم حجيته متعددة، وقد ذكرناها في كتبنا.
ومما يدل عليه أيضا ما ذكرناه اعتراضا على نتيجة الدليل الأول كما سبق، ونذكر هنا أيضا وجهين آخرين: أحدهما حدسي وجداني والآخر إلزامي.
أما الأول: فهو أنه لو كانت الأحكام كما يقولون، وكان لكل واقعة حكم،