كما إذا قال: بعتك قفيزا من بر بدرهم، وقصد قفيزا خاصا من بر خاص بدرهم معين من غير اصطلاح على تسمية ذلك المعين بهذا الاسم، حتى يصير من باب مهر السر والعلانية، أو قصد مع ذلك الخيار إلى مدة أيضا، والموافق للأصل بطلان العقد، لعدم ثبوت ترتب الأثر المقصود على هذا اللفظ بضم القصد. وإن ثبت في موضع بدليل صحته، فهو المخرج عن الأصل.
وإن كان الثاني: فان أطلق في العقد، وقصد أحد الفردين فهو، وإلا فيبطل العقد أيضا، لعدم إمكان ترتب الاثرين، وبطلان الترجيح بلا مرجح.
ثم اعلم: أن المعتبر - كما عرفت - وان كان هو القصد، ويتعذر الاطلاع العلمي عليه غالبا، إلا أن الشارع أقام الألفاظ الظاهرة فيه الدالة عليه بالظهور قائمة مقام العلم، بالاجماع القطعي، بل الضرورة الدينية.
وعلى هذا: وإن كان الأصل عدم ترتب الأثر إلا مع العلم بقصد ذلك الأثر، الا أنه يكتفى بما هو ظاهر فيه من الألفاظ اجماعا قطعيا.
فإذا قال: بعتك هذا بدرهم، وادعى قصد نقل الملك في مدة خاصة إبطالا للبيع، لم تسمع دعواه بمجردها وان كان الأصل عدم الانتقال، الا أن تكون هناك قرينة حالية أو مقالية مصدقة لدعواه، فيبطل البيع، لعدم الاجماع على الحكم بالصحة وقصد الصحيح حينئذ.
وذلك كما إذا قال: بعتك هذا بدرهم على أن تكريني دابتك هذه يوما، فظهرت الدابة ملكا لغير المشترى فيحكم ببطلان البيع، لان هذا الكلام ظاهر في أن الأثر المقصود من البيع هو نقل المبيع بالدرهم منضما مع الاكراء لا مطلقا، ولا أقل من تساوى الاحتمالين، فان مثل هذا التركيب لم يعلم منه قصد البيع بالدرهم منفردا.
وإلى هذا يشير كلام من قال: إن المعتبر من ذلك القصد هو ما اطلع عليه المتعاقدان، ولا يكفي في ذلك قصد أحدهما من دون اطلاع الاخر.
فما يحتمل وجوها كثيرة، ولم يذكر في طي العقد وجه منها ولم يعين،