عائدة (44) في بيان العلم الذي هو حجة في الشرعيات اعلم: أن العلم الذي هو الحجة في الشرعيات من غير احتياج إلى دليل و برهان، هو العلم العادي، وهو الذي لا يلتفت أهل العرف ومعظم الناس إلى احتمال خلافه، ولا يعتبرونه في مطالبهم، ولا يعتنون به في مقاصدهم.
والحاصل: أن لا يحتمل خلافه بحسب متعارف الناس وعاداتهم، لا ما لا يحتمل خلافه أصلا، أو لا يجوز العقل خلافه، أو عد خلافه محالا عقليا; وذلك لأن مطلوب الشارع ومراد الله سبحانه وحججه الوسائط عليهم السلام من العباد: هو الإطاعة والتسليم والانقياد، والتجنب عن المخالفة والعصيان.
وهذا هو المناط في امتثال الأحكام، وإتيان الأوامر، والاجتناب عن النواهي، والثواب والعقاب، والمدح والذم.
والحاصل: أن مناط امتثال الأوامر والانتهاء عن النواهي، هو الإطاعة والعصيان. والمراد بهما ما يعد مرتكبه عند العقلاء وأهل العرف مطيعا ومسلما، أو عاصيا ومخالفا.
ومن البديهيات: أن المناط في ذلك هو العلم العادي، بمعنى أنه إذا علم أمر من يجب إطاعته بشئ أو نهيه عن شئ بالعلم العادي، أي كان بحيث لا يلتفت أهل العرف إلى احتمال خلافه ويستبعدونه ويستهجنونه، فممتثله يعد مطيعا، وتاركه عاصيا.