قلنا: لا نسلم حتى في صورة بقاء شغل الذمة، وانسداد طريق التعيين، مع أن في تعيين معنى العسر والحرج وقدرهما ألف كلام، ومنهم من خصصهما بما لا يطاق، ومنهم من خصصهما بغير التكليفات، ومنهم من قال باجمالهما و سقوط الاستدلال بهما، والتمسك بمثل ذلك في المقام من الغرائب والعجائب 1 وأما ثالثا: فبأن من الأمور المقطوع بها بالاجماع - وباعتراف الخصم - استحباب الاحتياط، فهذا الذي يقول الكل باستحبابه، لم لا يمكن أن يكون واجبا؟ وما الضرر فيه؟ وليت شعري ما السبب في أن استحبابه جائز، بل واقع، ووجوبه ممتنع؟!
فان قلت: لزوم العسر والحرج إنما هو على الوجوب دون الاستحباب قلنا: لا شك أن بعض الأمور في نفسه معسور، سواء كان واجبا أو مستحبا أو مباحا، كتحمل الوجع الشديد، والصعود على الجبل الرفيع، والثابت من الأدلة أن الله لا يريد العسر، ولا شك أن المستحب مراده سبحانه، فلو ندب المعسور لإرادة.
والملخص: أن ما ينفي العسر والحرج ينفيه في الواجبات والمستحبات، فما يجاب في المجمع عليه، والمدلول عليه بالعقل والنقل من حسن الاحتياط و رجحانه مطلقا، يجاب به بعينه في القول بتعينه ووجوبه بقدر الامكان وأما رابعا: فلأنا نقول: إن أمثال هذه الاشكالات لو وردت فإنما ترد لو أوجبنا على المجتهد تحصيل قاعدة كلية جارية في جميع الموارد أولا، وليت شعري ما الضرورة في ذلك؟! بل نقول: إن كل مسألة مسألة ترد على المجتهد يجب عليه الفحص فيها، فان وجد دليلا علميا فهو، والا فان أمكن فيه الاحتياط مطلقا، أو بدون عسر، يعمل به، وإلا فيعمل بالظن مثلا.