من العبادات وغيرها، كالقصر في السفر، والخوف في الصلاة، والافطار في الصوم، ونحو ذلك، وإما من جهة التعميم، كجواز العمل بالاجتهاد لغير المقصر في الجزئيات، كالوقت والقبلة ونحوهما، أو الكليات، كالأحكام الشرعية للعلماء 1. انتهى.
أقول: قد مر في العائدة المذكورة 2 ما تظهر به حقيقة الحال في هذا المقال.
والحاصل: أن المستفاد مما ذكره أن قاعدة نفي العسر والحرج من باب أصل البراءة دون الدليل أو يكون مقيدا بغير التكاليف الثابتة، ويكون موضع العسر والحرج المنفيين: ما هو زائد عن أصل طبائع التكاليف، وتكون قاعدة نفي العسر والحرج من قبيل: كل شئ مطلق حتى يرد فيه أمر أو نهي، ونحوه.
فكل تكليف ثبت بالخصوص أو العموم أو التقييد أو الاطلاق، يكون خارجا عنه. فكل ما كان عليه دليل عام أو خاص، لا تعارضه قاعدة نفي الضرر وهذا مناف لطريقة الفقهاء في استدلالاتهم بقاعدة نفي العسر وا لحرج، بل منهم من صرح: أن قاعدة نفي الحرج ليست من باب الأصل الذي جاز الخروج عنه بدليل، كسائر العمومات، بل لا يعارضها دليل أصلا، كما يأتي 3.
نعم: لو كان مراده أنه بعد ملاحظة عمومات التكاليف وخصوصاتها، و ملاحظة التعارض بينها وبين أدلة نفي العسر والحرج، وإعمال القواعد الترجيحية، وإخراج ما ثبت ترجيحه من التكاليف الصعبة العسرة، تقيد أدلة نفيهما بغير هذه المخرجات، لكان صحيحا كما سنذكره.
ومنها: أن العسر والحرج في الأمور إنما يختلف باختلاف العوارض الخارجية، فقد يكون شئ عسرا وحرجا، يصير باعتبار أمر خارجي سهلا و سعة.