فيتبع ما تشهد به تلك الحالة، دون كل حالة بانفرادها.
ومن هذه الصورة ما لو كان زيد صديقا لعمرو وزعم عداوته، أو كان عدوا وزعم صداقته، فإن مقتضى الواقع في الأول الإذن، وفي الثاني المنع، ومقتضى الزعم بالعكس.
والتحقيق: ما مر من جعل الحالة مركبة، وفرض الاستئذان معها من عمرو، أو من العرف (1)، فيقال: هل تأذن لمن تزعم عداوته، وكان صديقا واقعا؟ أو لمن كان عدوا واقعا وتزعم صداقته (2)، فما يحكم به هذه الحالة (3) فهو المشهود به.
والحكم في الصورتين للواقع، دون الزعم بشهادة العرف والعادة، وحكم الحدس والوجدان، والقطع بأن مناط الرضى وعدمه: الأمور الواقعية، دون الزعمية.
تتمة:
قد عرفت أن كلا من الأقسام الثلاثة للإذن - أي: الصريح، والفحوى، و شاهد الحال - معتبر شرعا، مؤثر فيما يؤثر فيه مطلق الإذن. وأما ما لم يثبت تأثير مطلقه فيه، بل كان أمرا مخالفا للأصل، لم يثبت تحققه إلا مع الإذن الصريح مثلا، أو مع الفحوى، أو توقف مضافا إلى الإذن على أمر آخر أيضا، فلا يكفي في ثبوته مجرد ثبوت الإذن بأحد الثلاثة أيها كان، بل يقتصر فيه على القدر الثابت.
مثلا: يثبت بالإجماع والأخبار جواز التصرف في مال الغير وأكله بمجرد رضاه وإذنه، فكل ما علم ذلك يحكم بإباحة التصرف، سواء علم بالإذن الصريح أو الفحوى أو شاهد الحال، بخلاف ما إذا علم رضى البايع يبيع ماله بثمن معين، كما إذا كان له مال قيمته عشرون دينارا، وكان أراد بيعه في الأمس بهذه