هكذا حكم القطن بعد أن يصير غزلا، والغزل بعد أن يصير ثوبا.
وكذا حكم الطين بعد صيرورته لبنا، واللبن بعد صيرورته خزفا واجرا، والاسم في ذلك كله ليس باقيا قطعا.
وأيضا لو تنجس العنب ثم صار زبيبا، فإنه يبقى على نجاسته، ولا يطهر بزوال التسمية وارتفاع وصف العنبية، وليس إلا لاستصحاب حكم النجاسة، و عدم اشتراط بقاء الاسم في حجية الاستصحاب 1.
أقول: وما ذكره في مرادهم من تبعية الحكم للأسماء صحيح، فإنه ليس المراد منه: أنه يدل على انتفاء الحكم بانتفاء الاسم، حتى يكون معارضا لدليل اخر دل على ثبوته حال انتفاء الاسم أيضا، بل المراد: أن لحكم الثابت بواسطة هذا الاسم و من جهة هذا الاسم ينتفي بانتفائه، وذلك لا ينافي ثبوته بدليل اخر أصلا.
وأما ما ذكره من إمكان إثبات الحكم بعد زوال الاسم بالاستصحاب، فليس بصحيح، لان من شرائط الاستصحاب المجمع عليها: عدم تغير موضوع الحكم، فإذا كان الشارع جعل موضوع الحكم شيئا مسمى باسم، فإذا انتفى الاسم ينتفي الموضوع، فكيف يمكن الاستصحاب؟! ولذا تراهم لا يستصحبون نجاسة الكلب بعد صيرورته ملحا، أو العذرة دودا أو ترابا، أو النطفة حيوانا.
والسر: أن من شرط جريان الاستصحاب: عدم كون الحكم مقيدا بشئ غير متحقق في الحالة اللاحقة، فإذا علق الشارع حكما على اسم، يكون مقيدا به، فكيف يمكن استصحابه بعد انتفائه؟!
ويستفاد ذلك من موثقة عبيد بن زرارة، عن الصادق عليه السلام: في الرجل باع عصيرا، فحبسه السلطان حتى صار خمرا، فجعله صاحبه خلا، فقال: (إذا تحول عن اسم الخمر، فلا بأس به) 2.