الأول: أن المراد بوجوب اللطف عليه سبحانه - بأي معنى اخذ - هل وجوب ما هو كذلك في حاق الواقع ونفس الأمر - أو ما هو كذلك بحسب علمنا و إدراكنا؟.
يعني أنه هل يجب عليه مثلا بيان ما هو مصلحة أو مفسدة في الواقع، أو ما هو كذلك بحسب علمنا وما نعلمه مصلحة أو مفسدة واقعية، سواء طابق علمنا للواقع أولا، وكذا في سائر المعاني.
فإن أرادوا الأول، فنسلم وجوبه ولا كلام لنا معهم في إثباته.
ولكن نقول: إن كل ما يريدون إثباته بتلك القاعدة ويستندون فيه إليها، من أين يعلم أنه اللطف الواقعي النفس الأمري المطابق لعلمه سبحانه؟ وكيف السبيل إلى علمنا به؟ وكل ما يذكرون لبيانه، فهو راجع إلى ذلك المعنى بحسب علمنا، ويأتي الكلام فيه.
وإن أرادوا الثاني، أي وجوب ما هو بذلك المعنى بحسب فهمنا ومدركنا وعلمنا، فنقول: ما الدليل على وجوب ذلك على الله سبحانه، وما يقتضيه؟
فإن قيل: لأنه ورد في الكتاب والسنة كونه سبحانه لطيفا، ويجب حمل الألفاظ في الخطابات على متفاهم المخاطبين.
قلنا: المراد من ذلك حمل الألفاظ على المعنى المتفاهم الواقعي لا المعنى المتفاهم بحسب علم المخاطب، ولذا أجمعوا على أن الألفاظ موضوعة للمعاني النفس الأمرية دون العلمية. فإذا كان المتفاهم من اللطف في عرف المخاطب بيان المصلحة والمفسدة مثلا، يجب حمله على ذلك المعنى، أي بيان المصلحة والمفسدة، ولكن المصلحة والمفسدة الواقعية دون العلمية.
فإن قيل: إنهم صرحوا بأن الألفاظ وإن كانت للمعاني النفس الأمرية لكنها مقيدة بالعلم في مقام التكاليف، ونحن مكلفون بإثبات كونه سبحانه لطيفا شرعا، لوصفه سبحانه نفسه به.
قلنا أولا: إنه من أين يعلم أن اللطف الواجب علينا إثباته له سبحانه بمثل