قوله: (إن الله لطيف بعباده) هو اللطف بهذا المعنى الذي يريدون إثبات مطلبهم به؟ فإنه معنى مصطلح في علم الكلام، فلعله مرادف للرؤوف والحنان ونحوهما.
وثانيا: إنه يمكن أن يكون المراد بكونه لطيفا: أن كل ما نراه لطفا هو منه سبحانه، لا أن كل ما نعلمه لطفا يجب عليه فعله، كما في الخالق والرازق والطبيب والمنعم ونحوها.
وثالثا: إن معنى حمل الألفاظ في مقام التكاليف على حسب علم المكلف:
أنه إذا كان لنا تكليف في عمل متعلق به يقيد بالمعلوم لنا، أما في غيره فلا، فإنه إذا قال الله سبحانه: الكافر مخلد في النار، يجب علينا تصديق ذلك، ولكن نقول: إن الكافر النفس الأمري في النار سواء علمنا بكفره أولا، لا أن من علمنا واعتقدنا أنه كافر مخلد في النار ألبتة، سواء طابق علمنا للواقع أولا.
وأما لو قال جل شأنه: الكافر نجس فاجتنبوه، فنقول: إن الكافر الواقعي بحسب علمنا، أي من اعتقدنا أنه كافر واقعا، يجب علينا اجتنابه وإن لم يكن كذلك واقعا، لأنا مكلفون بحسب علمنا.
وليس تكليفنا في إثبات اللطف له سبحانه سوى وجوب اعتقاده لطيفا، ولا عمل هنا لنا متعلق به 1 حتى يجب التقييد بعلمنا، وليس هو إلا ككونه سبحانه قديما، وعزيزا، وذا الكبرياء والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة، وقيوما، ومهيمنا، ونحو ذلك.
الوجه الثاني: أن مرادهم من وجوب اللطف عليه سبحانه بأي معنى أرادوه ولو بحسب علمنا، فهل هو وجوبه عليه مطلقا، من غير اشتراطه بوجود المقتضي من جانب القابل، أو عدم الموانع التي من جهة القابل، أو عدم الموانع الخارجية عنه، أو يشترط بذلك؟.