ثم إن هذا هو الكلام في دلالة اللفظ، وقد يكون عدم كفاية الأقل معلوما من دليل اخر، أو من الأصل، فان استعمال الاجزاء في الاخبار على وجوه:
فورد تارة مثل قوله: (يجزي غسل الجمعة عن الجنابة) 1 فاستعمل مع (عن).
وأخرى (يجزي في الركوع سبحان الله مرة) 2 فاستعمل مع (في).
وثالثة: (يجزيك كذا) 3 فالأصل في الأول عدم كفاية الأقل، لان الأصل عدم قيام فعل مقام اخر، و في الأخيرين يختلف الأصل بحسب اختلاف المقامات، فتارة يكون مع كفاية الأقل، وأخرى مع عدمها، وعلى الفقيه ملاحظة المقامات.
هذا هو البحث في دلالته على عدم كفاية الأقل، وعدم دلالته وهاهنا بحث اخر: وهو أنه على فرض الدلالة، فهل يدل على أنه أقل الواجب - كما وقع في كلام صاحب (المدارك) - حتى إذا ورد: (أنه يجزيك في الركوع سبحان الله ثلاثا) 4 يكون هذا أقل الواجب، أم لا؟
الحق أنه لا دلالة لهذا الكلام بنفسه على ذلك أصلا، فان الاجزاء والكفاية كما يكون عن الامر الواجب، كذلك يكون عن المستحب أيضا، فان كان المجزى عنه مذكورا، فالامر واضح، وإن لم يكن مذكورا، فيحتمل الامرين، فالحمل على أحدهما لاوجه له.
فإذا قال الشارع: (يجزيك مائة تسبيحة بعد الصلاة) يحتمل إجزاء الامر