نفي الوجوب أو الحرمة يعمل بالتسامح.
وفي حكم الحرمة الكراهة، لأن قول مجتهده بالكراهة يعارض الدليل الذي يتسامح به، والتسامح فرع عدم المعارض المقبول.
وأما الإباحة بمعنى تساوي الطرفين، فهي أيضا نافية للثواب عن الفعل.
فإن كان فتوى مجتهده عليها لدليل دال على التساوي فهو أيضا يعارض الدليل الذي يتسامح به ويقدم عليه. وإن كان للأصل فلا يعارضه.
وعلى هذا فعلى مجتهده بيان ذلك أيضا إذا سأله عن أمر يريد التسامح فيه.
وهذا بعينه حكم أجزاء فعل أو كيفية، بمعنى أنه لو لم يحتمل في جزء من أجزاء ما يريد أن يتسامح فيه أو كيفية مخالفة فيه، فيعمل بالتسامح. وإن احتمله بأن يجوز حرمة جزء أو كيفية، أو كراهته أو إباحته، فالحكم فيه كالحكم في أصل ذلك الأمر كما مر.
وقد ظهر مما ذكر: أن جواز تسامح المقلد في كل أمر بالتقليد يتوقف على انتفاء احتمال نفي استحبابه عند من قوله حجة له وعليه، احتمالا راجحا أو مساويا، إما لعدم التفاته إلى ذلك، أو لعلمه بعدم المخالفة، أو ظنه به بالفحص عنه.
وأما مع الاحتمال الراجح أو المساوي بالمخالفة، فلا يتسامح إلا بعد الفحص بالقدر اللازم في أداء تكليفه، وهو القدر المحصل للظن بعدم المخالفة.
الخامس: هل الثابت من التسامح هو مجرد إعطاء الثواب فقط، أو يترتب عليه ما يترتب على سائر المستحبات، الثابت استحبابها بالدليل المعتبر شرعا؟.
ظاهر عبارة الذخيرة الأول، حيث قال: إن هذا الوجه إنما يفيد مجرد ترتب الثواب على ذلك، لا أنه يرد شرعا عليه الأحكام الوضعية المترتبة على المستحبات الواقعية 1. انتهى.