ثم الموضوع قد يكون واحدا، كالكلب في الحكم بنجاسة الكلب، والثوب في الحكم برطوبته، وزيد في الحكم بحياته.
وقد يتعدد الموضوع في الحكم الواحد، لأجل تعدد المضاف إليه وما نسب إليه الحكم، كما في وجوب صوم اليوم على زيد، فإن صوم اليوم موضوع للوجوب على المكلف، والمكلف موضوع لوجوب الصوم عليه.
ومنه ولاية الأب العاقل على الصغير، فإن الأب العاقل موضوع لكونه وليا على الصغير، والصغير لكونه مولى عليه، فإذا أردت استصحاب كونه وليا، يكون الموضوع هو الأب، وإذا أريد استصحاب كونه مولى عليه، يكون الموضوع هو الصغير، فلو تغير الصغير وصار كبيرا، يصح رد الاستصحاب الثاني لتغير الموضوع، ولا يصح رد الاستصحاب الأول لذلك، ولو جن الأب انعكس الأمر.
وأما وجه اشتراط عدم تغير الموضوع في حجية الاستصحاب، بل جريانه و صحته، فلبيانه نقول: لا شك أن الاستصحاب هو إبقاء الحكم الثابت أولا في الزمان الثاني من حيث ثبوته في الأول، ولأجل ذلك فلو أبقي في الزمان الثاني لجهة أخرى، لا يكون ذلك استصحابا أصلا، فإنه لو قال الشارع: يجب عليك صوم يوم الخميس، وشك في يوم الجمعة هل أراد صومه أم لا، فسئل عنه فأجاب بوجوبه أيضا، لا يكون ذلك استصحابا. وكذا لو شك في بقاء رطوبة ثوب في زمان، فصب عليه الماء ثانيا وحكم برطوبته، لا يكون ذلك استصحابا.
والحاصل: أن الاستصحاب لا يتحقق باتحاد حكم الموضوع في الحالتين كيف ما كان، بل باتحاده من جهة ثبوته للأول، أي من جهة أنه كان ثابتا في الأول ولم يعلم انتفاؤه في الثاني، وكل ما كان كذلك حكم الشارع بإبقائه. ولازم ذلك أنه إذا علم انتفاء الحكم في الثاني لم يصح الاستصحاب، كما هو مجمع عليه ومصرح به في الاخبار بقوله: (ولكنه ينقضه بيقين آخر)، بل هو معنى قوله:
(لا ينقض بالشك).
ثم انتفاء الحكم في الثاني: تارة يكون بالحكم بخلاف الأول فيه، وأخرى