وثانيا: إنه خلاف الإجماع، إذ نرى الكل غير مكتفين بظن خاص، فإن العامل بالصحيح - مثلا - يعمل بالموثق والحسن ومثل مراسيل ابن أبي عمير وأخبار من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ومن لا يروي إلا عن ثقة والمنجبرة بالشهرة، ونحو ذلك.
وثالثا: إنا سلمنا احتمال ذلك، ولكن يوجد في الأخبار المتقدمة الدالة على حجية الخبر كل نوع من أنواع الأخبار المظنونة الصدق، التي يحتمل أن يكون ذلك النوع محط الحجية - كوثاقة الراوي وصحة الرواية والانجبار بالشهرة و غير ذلك - فبهذه الأخبار تثبت حجية كل خبر مظنون الصدق.
على أن الخصوصية التي يحتمل أن يكون لها مدخلية في ذلك - وقال به بعضهم (1) - هي عدالة الراوي أو وثاقته، وليس هو إلا باعتبار دلالة آية النبأ على اعتبارها، وسنبين إن شاء الله في بعض العوائد الآتية (2) عدم دلالة الآية المذكورة على اعتبارها أصلا.
فإن قيل: لعل تلك الخصوصية موافقة مدلوله للاحتياط.
قلنا: قد عرفت أنه لا يمكن مدخلية تلك الخصوصية، سلمنا احتمالها، ولكن نقول: إن الأخبار الدالة على حجية الخبر موافقة للاحتياط; لما عرفت في المقامين الأولين من ثبوت جواز العمل بكل خبر قطعا، فالأمر فيه دائر بين الوجوب والجواز، فالاحتياط يكون في العمل به.
المقام الخامس:
في بيان أصالة حجية الأخبار المروية عن أئمتنا الأطهار عليهم السلام إلا ما أخرجه الدليل.