الثاني: يعم المطلق كالعام، فلا وجه للفرق.
قلنا: الوجه فيه ظاهر، لأن المطلق لم يوضع للعموم، وإنما يحمل عليه في الخطابات الشرعية والمقامات الخطابية لتوقف الإفادة والاستفادة عليه في الكلام المسوق للبيان دون الإبهام، والحمل على الأفراد الشائعة يكفي في حصول هذا الغرض، ولا داعي له على الحمل على الاستغراق.
وأما العموم الوضعي فمدلوله الاستغراق، فيجب الحمل عليه، والحمل على الأفراد الشائعة تخصيص لا يرتكب إلا بدليل 1.
انتهى.
وما ذكره - قس سره - في وجه التفرقة صريح فيما ذكرنا، من أن بناء حملهم على الشائع إنما هو باعتبار جعل دليل عموم المطلق الحكمة دون تعلق الحكم بالطبيعة.
ثم إن من القائلين بالفرق بين المطلق والعام من قال: بأن الأفراد النادرة التي هي في غاية الندرة لا تنصرف إليها الألفاظ الموضوعة للعموم أيضا.
ثم بما ذكرنا يظهر أن ما ليس دلالته على العموم بالوضع، بل بالقرينة العقلية - نحو عموم ترك الاستفصال، وعموم المنزلة 2، وعموم التشبيه، لو قلنا بعموم الأخيرين - ينصرف إلى الفرد الشائع البتة لو كان شيوعه موجبا لظهور إرادته.
ثم إن ما ذكروه من انصراف المطلق إلى الشائع، إنما هو إذا لم يقم قرينة على إرادة العموم الشامل للفرد النادر منه، وأما معها فلا.
ومن القرائن: استثناء بعض الأفراد النادرة، كقوله: أكرم الإنسان إلا ذا أربعة أرجل، فإنه يشمل ذا الراسين أيضا. وقوله: الغسل مزيل للنجاسة إلا إذا كان بماء الرمان.
ومنها: الإتيان بقيد لإخراج بعض الأفراد النادرة، كقوله: الإنسان غير ذي