ولا يضر ضعف تلك الأخبار بعد الانجبار بعمل الأصحاب، وانضمام بعضها ببعض، وورود أكثرها في الكتب المعتبرة.
وأما الثاني: فيدل عليه بعد الاجماع أيضا أمران:
أحدهما: أنه مما لا شك فيه أن كل أمر كان كذلك لابد وأن ينصب الشارع الرؤف الحكيم عليه واليا وقيما ومتوليا، والمفروض عدم دليل على نصب معين، أو واحد لا بعينه، أو جماعة غير الفقيه.
وأما الفقيه، فقد ورد في حقه ما ورد من الأوصاف الجميلة والمزايا الجليلة، وهي كافية في دلالتها على كونه منصوبا منه.
وثانيهما: أن بعد ثبوت جواز التولي له، وعدم إمكان القول بأنه يمكن أن لا يكون لهذا الامر من يقوم له، ولا متول له، نقول:
إن كل من يمكن أن يكون وليا ومتوليا لذلك الامر ويحتمل ثبوت الولاية له، يدخل فيه الفقيه قطعا من المسلمين أو العدول أو الثقات، ولا عكس، وأيضا كل من يجوز أن يقال بولايته يتضمن الفقيه.
وليس القول بثبوت الولاية للفقيه متضمنا لثبوت ولاية الغير، سيما بعد كونه خير خلق الله بعد النبيين، وأفضلهم، والأمين، والخليفة، والمرجع، وبيده الأمور، فيكون جواز توليه وثبوت ولايته يقينيا، والباقون مشكوك فيهم، تنفى ولايتهم وجواز تصرفهم النافذ بالأصل المقطوع به، وكذا الوجوب الكفائي فيما يثبت الامر به ووجوبه.
فان قلت: هذا يتم فيما يثبت فيه الاذن والجواز، وأما فيما يجب كفاية فالأصل عدم الوجوب على الفقهاء.
قلنا: الوجوب الكفائي عليهم أيضا مقطوع به، غاية الامر أنه يشك في دخول غيرهم أيضا تحت الامر الكفائي وعدمه، والأصل ينفيه.
فإن قيل: الأصل عدم ملاحظة خصوصيتهم.
قلنا: الأصل عدم ملاحظة جهة العموم أيضا، مع أن إثبات الجواز كاف لنا