يساوي القدرة والطاقة، مع أن الرواية في نفسها ضعيفة غير صالحة لاثبات أصل بدون مساعدة غيرها إياها. وكذا الرواية الثالثة عشر.
البحث الثالث اعلم أن مراتب التكاليف المتصورة عقلا أربعة:
ما دون العسر، ويطلق عليه السعة، والسهولة، واليسر.
والعسر الغير البالغ حد الضيق والضيق الغير البالغ حد ما لا يطاق، وهو الحرج وما لا يطاق، وقد يطلق الحرج على ما يعم ذلك أيضا.
وأما ما يستفاد من كلام الشيخ الحر في الفصول المهمة: من أن جميع التكاليف فيها العسر، بل الحرج 1، فليس كذلك، لان المرجع في تحقق مصاديق تلك الألفاظ إنما هو العرف، فالعسر: هو ما يعد في العرف شاقا صعبا، ويقال: إنه يشق تحمله، أو يصعب على فاعله.
ومما لا شك فيه، ولا شبهة تعتريه: أنه إذا كان لمولى عبد هيأ له معاشه و يرزقه ويحسن إليه، إذا أمره باشتراء يسير من اللحم والخبز لعيال المولى كل يوم من السوق، لا يقال: إنه صعب عليه، أو حمله أمرا عسرا أو شاقا، بل وكذا لو ضم معه كنس بيته، وسقي دابته وعلفها، بل ولو ضم مع الجميع بسط فراشه، وطيه، وإغلاق بابه، وفتحه، ونحو ذلك، بل لابد في تحقق العسر من كون الخدمة مما تشق عرفا، ويصعب عليه تحمله.
وأمثال ذلك في التكاليف الشرعية خارجة عن حد الاحصاء، فان رد السلام تكليف مع عدم كونه صعبا، بل وكذا الوضوء وركعات من الصلاة، سيما مع عدم مزاحمته لشغل مهم، وعدم كونه في برد شديد، وكذا الصوم، سيما في الأيام الباردة القصيرة.