عائدة (71) في حمل الأمر والنهي على الاستحباب والكراهة عند تعذر حملهما على الحقيقة قد ترى الفقهاء - كثيرا - أنهم عند تعذر حمل الأمر أو النهي على ظاهرهما من الوجوب والحرمة يحملونهما على الاستحباب والكراهة، وقد يطالب بالوجه فيه مع تعدد مجازاتهما.
والتحقيق: أنه إذا تعدد مجاز اللفظ المصروف عن حقيقته ولم يقم دليل بالخصوص على تعيين المراد منها، فقالوا: إن كان بعضها أقرب إلى الحقيقة المصروف عنها يجب الحمل عليه، وإلا دخل فيه الإجمال.
وجعلوا وجه القرب الموجب لذلك ثلاثة، كما صرح به بعض سادة مشايخنا المحققين، فقال: اعلم أن المقتضي لتعيين المجاز مع تعذر الحقيقة أمور ثلاثة:
الأول: تبادر المعنى المجازي المعين من اللفظ المصروف عن حقيقته، كما في قولك: رأيت أسدا في الحمام، فإن المفهوم من لفظ الأسد المقترن بقرينة الكون في الحمام هو الرجل الشجاع.
ومن المعلوم أن هذا الفهم غير مستند إلى دلالة لفظ الأسد ولا إلى القرينة المذكورة، فإن الكون في الحمام يقتضي الصرف عن إرادة المعنى الحقيقي الذي