وأما ما ذكره من أن في العمل بالأصل خروجا عن طريقة الكل، وانحرافا عن سيرة العلماء، فقد مر جوابه وملخصه: أن هؤلاء العلماء قد أثبتوا حجية ظنون مخصوصة، فحالهم غير حالنا، ومع ذلك فالفساد في اتحاد السيرة دون اختلافها.
وليت شعري لم لا يضر خروج العامل بالظن عن سيرة أصحاب الأئمة، التي هي سيرة الامام قطعا، لأجل اختلاف الحال من انفتاح باب العلم و انسداده، ويضر الخروج عن سيرة العلماء، لأجل اختلاف الحال من ثبوت حجية الظن المخصوص وعدمه، مع أن العمل بالأصل في غير المعلومات قبل ثبوت حجية الظن عين سيرة العلماء، فان طريقة السيد وتابعيه جميعا العمل بالأصل في غير المعلومات وإن اختلف معلوماتهم مع معلوماتنا في الزيادة والنقصان وهذا لا يوجب الفساد، إذ لا شك أن عمل المجتهدين جميعا بالأصل ليس على السواء، فان كثيرا من الأدلة يكون حجة لطائفة دون أخرى، وعمل الاخر في موارده بالأصل.
وأما غير السيد، فالكل متفقون قطعا على أن في كل مورد لم يكن علم أو لم تثبت حجية ظن فيه على شخص، يلزم عليه العمل فيه بالأصل، فقبل إثبات حجية الظن يكون ترك الأصل خروجا عن سيرة العلماء، مع أنه - كما أشرنا إليه - العمل بمطلق الظن خروج عن سيرتهم وأما ما ذكره من أن في العمل بالأصل خروجا عن الدين، فقد عرفت جوابه أيضا، مع أنه يحتمل أن يكون الحكم في غير المعلومات مطابقا لحكم الدين، كمظنوناتك، إذ لاشك أنها أيضا محتملة لان تكون مخالفة لحكم الدين، وإلا فتكون مقطوعات، فما يفعله العامل بالأصل يساوي ما يفعله العامل بالظن في احتمال المطابقة والمخالفة، فكيف يكون أحدهما خروجا عن الدين، والاخر دخولا فيه؟
نعم الفرق الذي بينهما، هو أن العامل بالظن يظن المطابقة.