فان ثبت لك أيضا حجية هذه وعلمتها، فلم لصقت بذنب الظن وتجره، بل اعمل بها، وارفع يدك عن الظن الضعيف السقيم وان لم يثبت، فأين أنت وأين هذه الطوائف؟
وقد غفل ذلك المسكين عن أنه لو ثبت الاجماع بهذا الطريق، يصير عدم حجية الظن إجماعيا قطعيا باعترافهم، فإنهم معترفون بان في زمان حضور أصحاب الإمام - الذين كان اتفاقهم كاشفا عن قول المعصوم قطعا، لتمكنهم من العلم - ما كانوا يعملون بالظن، ويحرمون العمل به، ويحملون الأخبار المتواترة الناهية عن العمل بالظن عليهم، فلو ثبت إجماعهم على عدم حجية الظن، فأنت لم لا ترفع اليد عنه، وأخذت برجله وتجره؟
فان قلت: فرق بيننا وبينهم، فإنهم لا يعملون به لانفتاح باب العلم عليهم، ولولاه لعملوا به.
قلنا: هذا الفرق بعينه بيننا في هذا الوقت وبين العلماء المتقدمين متحقق، لأجل ثبوت حجية بعض الأدلة الظنية لهم، وعدمه بالنسبة إلينا بعد، ولولا ثبوت حجية الدليل الظني لهم، لم يتجاوزوا من المعلومات قط، كما أنك أيضا متجاوز عنها بعد ثبوت حجية مطلق الظن، أو ظن مخصوص وأما الاجماع على الفحص الذي ادعاه، فهو مسلم، بل هو مدلول عليه بالدليل القطعي العقلي والنقلي، كما بيناه في موضعه، ولا كلام حينئذ في وجوب الفحص عن الحكم.
إنما الكلام في أن بعد الفحص، هل يكون لنا حكم وتكليف سوى المعلومات؟
وأما ادعاء أن مقتضى العقل والنقل عدم تحقق واقعة لا حكم لها، فان أراد النقل الظني، فلو سلم وجوده، فما الفائدة فيه؟ وإن أراد القطعي فأين هو؟
وأما العقلي فستعلم كيفيته، على أنه لا أدري لم نسي الاخبار المتكثرة