لا شك فيه الدليل الثاني: من أدلة القائلين بحجية كل ظن: أنه لو لم يجب العمل بالظن، لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح، فيجب ترجيح الراجح، الذي هو المظنون، وهو المطلوب 1.
ويرد عليه وجوه كثيره من الاعتراضات ذكرناها في كتبنا 2، ونقتصر هنا على وجهين يكفيان لطالب الحق.
الوجه الأول: أن أي ضرورة في الترجيح حتى يلزم ترجيح المرجوح؟
وتوضيحه: أنه لو وجب ترجيح أحد الطرفين، ويلزم ترجيح ألبتة، فلا يجوز ترجيح المرجوح، وأما لو لم يجب ذلك، ولم يرتكب الترجيح، فلا يلزم ترجيح مرجوح.
فان قلت: الترجيح لازم بوجوب الافتاء في كل مسألة.
قلنا: لم؟ ولماذا يلزم الافتاء؟ وما الدليل عليه؟ وقد مر تفصيله.
الوجه الثاني: أن وجوب ترجيح الراجح، وقبح ترجيح المرجوح عند وجوب الترجيح، يستند عندك إلى دليل شرعي، والى حكم الشارع، أو لأجل حكم العقل بذلك؟
فان كان مستندك فيه الدليل الشرعي، فوجوده ممنوع، وليت شعري أي دليل شرعي يدل عليه؟!
وإن كان الدليل العقلي، كما هو كذلك، فيجب أن يكون التخلف عنه محالا، مع أنا نشاهد أن كثيرا من علمائنا الاعلام نفى حجية بعض الظنون، كظن الشهرة، أو الحاصل من الاجماع المنقول، أو من الاستقراء، لأجل عدم دليل