كل منهما، فمعنى: زيد انسان، أن ما هو المعنى الحقيقي لزيد متحد في الوجود الخارجي حقيقة مع ما هو المعنى الحقيقي للانسان.
وعلى هذا فيكون قولك: ضرب فعل، مجازا في الموضوع، لإرادة اللفظ منه، وهو غير معناه الحقيقي. وقولك: زيد أسد، مجازا في المحمول إذا أريد من الأسد الرجل الشجاع، ومجازا في الهيئة إذا أريد منه الحيوان المفترس.
وكذا تكون القضية الحملية في بيان معاني اللغات مجازية الموضوع، لان المراد من قولك: الصعيد هو التراب، أن لفظ الصعيد موضوع للتراب، فالمحمول هو الموضوع المقدور، وأريد من الموضوع في الكلام لفظه، وهو ليس معنى حقيقيا له.
ولا يتوهم: أنه لو كان المعنى: أن المعنى الحقيقي للصعيد هو المعنى الحقيقي للتراب، يكون المراد من كل من الموضوع والمحمول معناه الحقيقي، لان معنى قولك: المعنى الحقيقي للصعيد، أن المعنى الحقيقي للفظه، فيوجب تقدير المعنى الحقيقي في كل من الموضوع والمحمول، مع إرادة اللفظ الذي هو أيضا مجاز من كل منهما.
إذا عرفت ذلك فاعلم: انه إذا وردت قضية حملية في كلام الشارع، فمقتضى أصالة الحقيقة: أن يراد من كل من الموضوع المحمول والهيئة:
الحقيقة، الا إذا كان هناك دليل على التجوز في شئ منها، ويلزم من اتحادهما حقيقة، ثبوت جميع احكام المحمول للموضوع إلا مع دليل التجوز.
فإذا صدرت من الشارع قضية حملية، فيتصور على وجوه:
الأول: أن يعلم أن المراد بالموضوع والمحمول معنياهما الحقيقيان، وأن المراد بالحمل الحكم باتحادهما خارجا، وكون الموضوع عين المحمول، أو مساويا له، نحو: الصلاة واجبة، حيث إن معناها: الحكم بكون الأركان المخصوصة مصداقا، لذات ثبت لها الوجوب ومتحدة معها، والحكم حينئذ ظاهر، فيحكم بثبوت كل حكم للواجب من حيث هو واجب للصلاة.
والثاني: أن يعلم أنه ليس المراد من الجميع الحقيقة، نحو: (الطواف بالبيت